مجازات مجازات، يعني التجاوز، يعني مجاوزات، تجاوز الحد، مبالغة يعني، المقصود به المبالغة، وليس من باب المجاز لا، وقد يكون من باب المجاز عندهم، من باب المجاز؛ لأنه استعمال للفظ في غير موضعه، استعمل الطهر في غير ما وضع له.
ويسترسلون في القول حتى يخرجهم ذلك إلى البدعة والمعصية، وربما وقعوا في الكفر من حيث يشعرون ألا ترى إلى قول بعضهم:
ولو لم تلامس صفحة الأرض رجلها ... لما كنت أدري علةً للتيممِ
مبالغة، نسأل الله العافية، نسأل الله العافية.
وهذا كفر صراح نعوذ بالله منه، قال القاضي أبو بكر بن العربي: هذا منتهى لباب كلام العلماء، وهو بالغ في فنِّه إلا أني تأملت من طريق العربية فوجدت فيه مطلعاً مشرقاً، وهو أن بناء فعول للمبالغة إلا أن المبالغة قد تكون في الفعل المتعدي، كما قال الشاعر:
ضروب بنصل السيف سوق سمانها
وقد تكون في الفعل القاصر، كما قال الشاعر:
نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضلِ
فالأول فعله متعدي، يكثر منه الضرب لغيره، والثاني فعله قاصر يكثر النوم بنفسه لا لغيره فلا ينيم غيره، بينما الضروب يضرب غيره.
وإنما تؤخذ طهورية الماء لغيره من الحسن نظافة، ومن الشرع طهارة، كقوله -عليه السلام-: ((لا يقبل الله صلاة بغير طهور)) وأجمعت الأمة لغةً وشريعةً على أن وصف طهور يختص بالماء فلا يتعدى إلى سائر المائعات وهي طاهرة، فكان اقتصارهم بذلك على الماء أدل دليل على أن الطهور هو المطهِّر، وقد يأتي فعول لوجه آخر ليس من هذا كله، وهو العبارة به عن الآلة للفعل، لا عن الفعل، كقولنا: وقود وسحور بفتح الفاء فإنها عبارة عن الحطب والطعم المتسحر به.
والطُّعم يعني الطعام، كالوضوء عبارة عن الماء الذي يتوضأ به.