وأما المأخذ الثاني: فهو مبني على تسليم الحديث لو صح، وقد أعاذنا الله من صحته ولكن على كل حال فقد أجاب أئمة المسلمين عنه بأجوبة منها الغث والسمين، والذي يظهر ويترجح في تأويله على تسليمه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان كما أمره ربه يرتل القرآن ترتيلاً، ويفصل الآية تفصيلاً في قراءته، فما رواه الثقات عنه فيمكن ترصد الشيطان لتلك السكتات، ودسه فيها ما اختلقه من تلك الكلمات، محاكياً نغمة النبي -صلى الله عليه وسلم- بحيث يسمعه من دنا إليه من الكفار، فظنوها من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- وأشاعوها، ولم يقدح ذلك عند المسلمين؛ لحفظ السورة قبل ذلك على ما أنزلها الله، وتحققهم من حال النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذم الأوثان وعيبها ما عرف منه، فيكون ما روي من حزن النبي -صلى الله عليه وسلم- لهذه الإشاعة والشبهة وسبب هذه الفتنة، وقد قال الله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} [(٥٢) سورة الحج] الآية، قلت: وهذا التأويل أحسن ما قيل في هذا.
هذا على فرض تسليم صحته، وإلا على القول بضعفها وبطلانها لا يحتاج لمثل هذا الكلام.
وقد قال سليمان بن حرب: ..
يقول ابن الجوزي -رحمه الله-: إذا لم يثبت الحديث فلا تتكلف اعتباره، يعني لا تتكلف توجيهه ولا الإجابة عنه ما دام ضعيفاً.