قال أبو عمر: وصفوان بن سليم مولى حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري من عُبَّاد أهل المدينة وأتقاهم لله، ناسكاً كثير الصدقة بما وجد من قليل وكثير كثير العمل خائفاً لله يكنى أبا عبد الله، سكن المدينة لم ينتقل منها ومات بها سنة اثنتين وثلاثين ومائة، ذكر عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي يسأل عن صفوان بن سليم فقال: ثقة من خيار عباد الله وفضلاء المسلمين، وأما سعيد بن سلمة فلم يرو عنه فيما علمت إلا صفوان، والله أعلم، ومن كانت هذه حاله فهو مجهول لا تقوم به حجة عند جميعهم.
لم يروِ عنه إلا واحد فهو مجهول العين، مجهول العين عند أهل العلم، لكن أثبت أهل العلم أنه روى عنه غير واحد، فارتفعت جهالته.
وأما المغيرة بن أبي بردة فقيل عنه إنه غير معروف في حملة العلم كسعيد بن سلمة، وقيل: ليس بمجهول، قال أبو عمر: المغيرة بن أبي بردة وجدت ذكره في مغازي موسى بن نصير بالمغرب، وكان موسى يستعمله على الخيل وفتح الله له في بلاد البربر فتوحات في البر والبحر، وروى الدارقطني من غير طريق مالك عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((من لم يطهره ماء البحر فلا طهره الله)) قال إسناده حسن.
الثالثة عشرة: قال ابن العربي: توهَّم قوم أن الماء إذا فضلت للجنب منه فضلة لا يتوضأ به، وهو مذهب باطل فقد ثبت عن ميمونة أنها قالت: أجنبت أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- واغتسلت من جفنة وفضلت فضلة، فجاء رسول الله ليغتسل منه، فقلت: إني قد اغتسلت منه، فقال:((إن الماء ليس عليه نجاسة أو إن الماء لا يجنب)) قال أبو عمر: وردت آثار في هذا الباب مرفوعة في النهي عن أن يتوضأ الرجل بفضل المرأة، وزاد بعضهم في بعضها: ولكن ليغترفا جميعاً، فقالت طائفة: لا يجوز أن يغترف الرجل مع المرأة في إناء واحد؛ لأن كل واحد منهما متوضئ بفضل صاحبه، وقال آخرون: إنما كره من ذلك أن تنفرد المرأة بالإناء ثم يتوضأ الرجل بعدها بفضلها، وكل واحد منهم روى بما ذهب إليه أثراً.
والذي ذهب إليه الجمهور من العلماء وجماعة فقهاء الأمصار أنه لا بأس أن يتوضأ الرجل بفضل المرأة وتتوضأ المرأة من فضله، انفردت المرأة بالماء أو لم تنفرد.