معروف عند الحنابلة أن الماء الذي تخلو به المرأة لطهارة كاملة عن حدث أنه لا يرفع حدث الرجل، ومعروف في هذا حديث عن رجلٍ صحب النبي -عليه الصلاة والسلام-، قال:((لا يتوضأ الرجل بفضل المرأة، ولا المرأة بفضل الرجل)) فقالوا: بشقّه الأول ولم يقولوا بشقّه الثاني، يعني عملوا بالنهي عن وضوء الرجل بفضل المرأة، لكنهم لم يعملوا بالشق الثاني الذي فيه النهي عن طهارة المرأة بفضل الرجل، ولا شك أن هذا تفريق بين المتماثلين، فإما أن يعملوا بالجملتين، أو يطرحوا الجملتين؛ تبعاً لثبوت الخبر وعدمه، وما هو أصحّ من ذلك، ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ بفضل بعض نسائه، توضأ مع نسائه، فالذي يظهر أنه لا مانع ولا بأس أن تتوضأ المرأة بفضل الرجل والعكس.
وفي مثل هذا آثار كثيرة صحاح، والذي نذهب إليه أن الماء لا ينجسه شيءٌ إلا ما ظهر فيه من النجاسات، أو غلب عليه منها، فلا وجه للاشتغال بما لا يصح من الآثار والأقوال، والله المستعان.
روى الترمذي عن ابن عباس قال: حدثتني ميمونة قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- من إناء واحد من الجنابة، قال هذا حديث حسن صحيح، وروى البخاري عن عائشة قالت: كنت اغتسل أنا والنبي -صلى الله عليه وسلم- من إناء واحد، يقال له: الفرق، وفي صحيح مسلم عن ابن عباس: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يغتسل بفضل ميمونة، وروى الترمذي عن ابن عباس قال: اغتسل بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- في جفنة فأراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يتوضأ منه فقالت: يا رسول الله إني كنت جنباً، قال:((إن الماء لا يجنب)) قال: هذا حديث حسن صحيح وهو قول سفيان الثوري ومالك والشافعي.
وروى الدارقطني عن عمرة عن عائشة -رضي الله عنه- قالت: كنت أتوضأ أنا والنبي -صلى الله عليه وسلم- من إناء واحد، وقد أصابت الهرة منه قبل ذلك، قال: هذا حديث حسن صحيح، وروى أيضاً عن رجل من بني غفار قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن فضل طهور المرأة، وفي الباب عن عبد الله بن سرجس، وكره بعض الفقهاء فضل طهور المرأة، وهو قول أحمد وإسحاق.