الأولى: قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا} أي خلق من النطفة إنساناً، {فَجَعَلَهُ} أي جعل الإنسان {نَسَبًا وَصِهْرًا} وقيل: {مِنَ الْمَاء} إشارة إلى أصل الخلقة في أن كل حي مخلوق من الماء، وفي هذا الآية تعديد النعمة على الناس في إيجادهم بعد العدم والتنبيه على العبرة في ذلك.
الثانية: قوله تعالى: {فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} النسب والصهر معنيان يعمان كل قربى تكون بين آدميين، قال ابن العربي: النسب عبارة عن خلط الماء بين الذكر والأنثى على وجه الشرع، فإن كان بمعصية كان خلقاً مطلقاً ولم يكن نسباً محققاً، ولذلك لم يدخل تحت قوله:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} [(٢٣) سورة النساء] بنته من الزنا؛ لأنها ليست ببنتٍ له في أصح القولين لعلمائنا، وأصح القولين في الدين، وإذا لم يكن نسب شرعاً فلا صهر شرعاً، فلا يحرم الزنا بنت أم، ولا أم بنت، وما يحرم من الحلال لا يحرم من الحرام؛ لأن الله امتنَّ بالنسب والصهر على عباده.