لأنها ليست ببنتٍ في أصح القولين لعلمائنا، هي ليست ببنت من حيث الحكم الشرعي فلا تنسب إليه؛ لأن الولد للفراش، وليست للزاني، فليست ببنتٍ له اتفاقاً، أما قوله: في أصح القولين لعلمائنا: فيما يترتب على ذلك من كونه ليست بنتاً له أنه يجوز له أن يتزوجها، والقول الثاني: أنه لا يجوز أن يتزوجها؛ لأنها خلقت من ماءه وإن لم تثبت نسبتها إليه، ولعل هذا أحوط.
لأن الله امتنَّ بالنسب والصهر على عباده ورفع قدرهما، وعلق الأحكام في الحل والحرمة عليهما فلا يلحق الباطل بهما ولا يساويهما، قلت: اختلف الفقهاء في نكاح الرجل ابنته من زنا، أو أخته أو بنت ابنه من زنا، فحرم ذلك قوم منهم ابن القاسم، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، وأجاز آخرون منهم: عبد الملك بن الماجشون وهو قول الشافعي، وقد مضى هذا في النساء مجوداً.
قال الفراء: النسب الذي لا يحل نكاحه، والصهر الذي يحل نكاحه، وقاله الزجاج: وهو قول علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- واشتقاق الصهر من صهرت الشيء إذا خلطته، فكل واحد من الصهرين قد خالط صاحبه فسميت المناكح صهراً؛ لاختلاط الناس بها، وقيل: الصهر قرابة النكاح فقرابة الزوجة هم الأَختان وقرابة الزوج هم الأحماء، والأصهار يقع عاماً لذلك كله قاله الأصمعي.
وقال ابن الأعرابي: الأَختان أبو المرأة وأخوها وعمها -كما قال الأصمعي- والصهر زوج ابنة الرجل وأخوه وأبوه وعمه، وقال محمد بن الحسن في رواية أبي سليمان الجوزجاني: أَختان الرجل أزواج بناته وأخواته وعماته وخالاته وكل ذات محرم منه، وأصهاره كل ذي رحم محرم من زوجته، قال النحاس: الأولى في هذا أن يكون القول في الأصهار ما قال الأصمعي، وأن يكون من قبلهما جميعاً يقال: صهرت الشيء: أي خلطته، فكل واحد منهما قد خلط صاحبه، والأولى في الأختان ما قال محمد بن الحسن؛ لجهتين: إحداهما الحديث المرفوع.