روى محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن محمد بن أسامة بن زيد عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أما أنت يا علي فختني وأبو ولدي وأنت مني وأنا منك)) فهذا على أن زوج البنت ختن، والجهة الأخرى أن اشتقاق الختن من ختنه إذا قطعه وكأن الزوج قد انقطع عن أهله وقطع زوجته عن أهلها، وقال الضحاك: الصهر قرابة الرضاع، قال ابن عطية: وذلك عندي وهمٌ أوجبه أن ابن عباس قال: حرم من النسب سبع، ومن الصهر خمس، وفي رواية أخرى: من الصهر سبع، يريد قوله -عز وجل-: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ} [(٢٣) سورة النساء] فهذا هو النسب، ثم يريد بالصهر قوله تعالى:{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [(٢٣) سورة النساء] إلى قوله: {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} ثم ذكر المحصنات، ومحمل هذا أن ابن عباس أراد حرم من الصهر ما ذكر معه فقد أشار بما ذكر إلى عظمه وهو الصهر، لا أن الرضاع صهر، وإنما الرضاع عديل النسب يحرم منه ما يحرم من النسب بحكم الحديث المأثور فيه.
ومن روى: وحرم من الصهر خمس أسقط من الآيتين الجمع بين الأختين والمحصنات وهن ذوات الأزواج، قلت: فابن عطية جعل الرضاع مع ما تقدم نسباً، وهو قول الزجاج، قال أبو إسحاق: النسب الذي ليس بصهر من قوله -جل ثناؤه-: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} إلى قوله: {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} والصهر من له التزويج، قال ابن عطية: وحكى الزهراوي قولاً: أن النسب من جهة البنين والصهر من جهة البنات.
قلت: وذكر هذا القول النحاس، وقال؛ لأن المصاهرة من جهتين تكون وقال ابن سيرين: نزلت هذه الآية في النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلي -رضي الله عنه- لأنه جمعه معه نسب وصهر، قال ابن عطية: فاجتماعهما وكادة حرمة إلى يوم القيامة.
{وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} [(٥٤) سورة الفرقان] على خلق ما يريده.