وهذا مثل قوله تعالى:{وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ} [(١١٣) سورة النساء] قال القشيري: ولقد طالبته قريش وثقيف إذ مر بآلهتهم أن يقبل بوجهه إليها، ووعدوه بالإيمان به إن فعل ذلك، فما فعل ولا كان ليفعل، قال ابن الأنباري: ما قارب الرسول ولا ركن، وقال الزجاج: أي كادوا، ودخلت إن واللام للتوكيد، وقد قيل: إن معنى (تمنى) حدث لا (تلا) روي عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله -عز وجل-: {إِلَّا إِذَا تَمَنَّى} [(٥٢) سورة الحج] قال: إلا إذا حدث، {أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} [(٥٢) سورة الحج] قال: في حديثه، {فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} [(٥٢) سورة الحج] قال: فيبطل الله ما يلقي الشيطان، قال النحاس: وهذا من أحسن ما قيل في الآية وأعلاه وأجله، وقد قال أحمد بن محمد بن حنبل: بمصر صحيفة في التفسير رواها علي بن أبي طلحة: لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصداً ما كان كثيراً، والمعنى عليه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا حدث نفسه ألقى الشيطان في حديثه على جهة الحيلة، فيقول: لو سألت الله -عز وجل- أن يغنِّمك ليتسع المسلمون، ويعلم الله -عز وجل- أن الصلاح في غير ذلك فيبطل ما يلقي الشيطان، كما قال ابن عباس -رضي الله عنهما-، وحكى الكسائي والفراء جميعاً:(تمنى) إذا حدث نفسه، وهذا هو المعروف في اللغة، وحكيا أيضاً:(تمنى) إذا تلا، وروي عن ابن عباس أيضاً، وقاله مجاهد والضحاك وغيرهما، وقال أبو الحسن بن مهدي: ليس هذا التمني من القرآن والوحي في شيء، وإنما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا صفرت يداه من المال ورأى ما بأصحابه من سوء الحال تمنى الدنيا بقلبه ووسوسة الشيطان، وذكر المهدوي عن ابن عباس أن المعنى: إذا حدث ألقى الشيطان في حديثه، وهو اختيار الطبري.