كأن أخذ الكلمة من السحر أظهر، أظهر من كونه له سحر، يأكل ويشرب ورئة فهو مثلهم، لكن هذا ليس فيه نقيصة، التنقص بالسحر، كما تنقّص غيره من الأنبياء بذلك.
{قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ} [(١٥٥) سورة الشعراء] قال ابن عباس: قالوا: إن كنت صادقاً فادع الله يخرج لنا من هذا الجبل ناقة حمراء عشراء، فتضع ونحن ننظر، وترد هذا الماء فتشرب وتغدو علينا بمثله لبناً، فدعا الله وفعل الله ذلك، فـ {قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ} أي حظ من الماء: أي لكم شرب يوم، ولها شرب يوم، فكانت إذا كان يوم شربها شربت ماءهم كله أول النهار، وتسقيهم اللبن آخر النهار، وإذا كان يوم شربهم كان لأنفسهم ومواشيهم وأرضهم، ليس لهم في يوم ورودها أن يشربوا من شربها شيئاً، ولا لها أن تشرب في يومهم من مائهم شيئاً، قال الفراء: الشرب الحظ من الماء، قال النحاس: فأما المصدر فيقال فيه شرب شَرباً وشُربا وشِربا وأكثرها المضمومة؛ لأن المكسورة والمفتوحة يشتركان مع شيء آخر فيكون الشِّرب: الحظ من الماء، ويكون الشَّرب: جمع شارب، كما قال:
فقلت للشرب في درنا وقد ثملوا.
إلا أن أبا عمرو بن العلاء والكسائي يختاران:(الشَّرب) بالفتح في المصدر، ويحتجان برواية بعض العلماء أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((إنها أيام أكل وشَرْب)).
{وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ} [(١٥٦) سورة الشعراء] لا يجوز إظهار التضعيف هاهنا؛ لأنهما حرفان متحركان من جنس واحد.
الشرب بالفتح: جمع شارب، كالصحب جمع صاحب، والسفر وغيرهما، وبالفتح جمع كما أن الشِّرب الحظ والنصيب، والشُّرب هو المصدر، بهذا تتميز الألفاظ الثلاثة، كل ما أمكن التمييز بين الألفاظ كل لفظٍ بما يخصه من معنى فهو أولى من الاشتراك.
{فَيَأْخُذَكُمْ} [(١٥٦) سورة الشعراء] جواب النهي، ولا يجوز حذف الفاء منه، والجزم كما جاء في الأمر إلا شيئاً روي عن الكسائي أنه يجيزه.