أما جواب النهي هو منصوب، فيأخذَكم، وجواب النهي: مجزوم، وهو هنا منصوب بـ (أن) المصدرية المقدرة بعد الفاء الواقعة بعد النهي، وإذا قلنا: أن الجواب نهي قلنا يُجزم (فيأخذْكم) وهو في الحقيقة منصوب بـ (أن) المضمرة بعد الفاء الواقعة بعد النهي.
قوله تعالى:{فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ} [(١٥٧) سورة الشعراء] أي على عقرها لما أيقنوا بالعذاب وذلك أنه أنظرهم ثلاثاً فظهرت عليهم العلامة في كل يوم وندموا ولم ينفعهم الندم عند معاينة العذاب، وقيل: لم ينفعهم الندم لأنهم لم يتوبوا، بل طلبوا صالحاً -عليه السلام- ليقتلوه لما أيقنوا بالعذاب، وقيل: كانت ندامتهم على ترك الولد إذا لم يقتلوه معها وهو بعيد.
جاء في الخبر أن ((الندم توبة)) فإما أن يكون ندمهم بعد رؤية العذاب والتوبة بعد الرؤية لا تنفع، أو يكون هذا في شريعتهم أن الندم ليس بتوبة، يعني كما جاء في قصة ابن آدم حينما قتل أخاه فأصبح من النادمين، لا شك أن الندم توبة، لكنه محمول عند جمع من أهل العلم على ندمه على حمل أخيه، يعني لو تركه أو دفنه ولم يحمله؛ لأنه حمله مدة طويلة من مكان إلى مكان، فندم على ذلك، أو يكون في شرع من قبلنا أن الندم لا يكفي، وفي شرعنا أن الندم توبة.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً} [(١٥٨) سورة الشعراء] إلى أخره ما تقدم، ويقال: إنه ما آمن به من تلك الأمم إلا ألفان وثمانمائة رجل وامرأة، وقيل: كانوا أربعة آلاف، وقال كعب: كان قوم صالح اثني عشر ألف قبيل، كل قبيل نحو اثني عشر ألفاً من سوى النساء والذرية، ولقد كان قوم عاد مثلهم ست مرات.
طالب:. . . . . . . . .
هؤلاء؛ لأنهم عاينوا العذاب، عاينوه، والتوبة بعد معاينة العذاب ما تنفع، لا تنفع إلا قوم يونس، ما استثني إلا قوم يونس.