قال المهدوي: وكلم الله تعالى موسى عليه السلام من فوق عرشه وأسمعه كلامه من الشجرة على ما شاء.
من الشجرة، يقصد من ناحيتها ومن جهتها، سمع الكلام جاء من جهة الشجرة، لا أنه انبعث من الشجرة، كما يوحي به كلام المؤلف، وكما يقوله المعتزلة، يقولون: إن الله خلق الكلام في الشجرة، فالله -جل وعلا- كلمه وهو مستو على عرشه، بائن من خلقه، والكلام جاء من تلك الجهة.
ولا يجوز أن يوصف الله تعالى بالانتقال والزوال، وشبه ذلك من صفات المخلوقين.
على كل حال الله -جل وعلا- عال على خلقه بائن منهم، مستو على عرشه ومع ذلك ينزل ويوصف بالقرب، وهو مع خلقه أينما كانوا، وهذا لا يناقض هذا ولا ينافيه.
قال أبو المعالي: وأهل المعاني وأهل الحق يقولون: من كلمه الله تعالى وخصه بالرتبة العليا والغاية القصوى فيدرك كلامه القديم المتقدس عن مشابهة الحروف والأصوات والعبارات والنظمات وضروب اللغات.
الذي يسمع كلامه ليس القديم، إنما الذي يسمع الحادث المتجدد؛ لأن الله -جل وعلا- كلامه قديم النوع بلا شك، لكنه متجدد الآحاد، فهو سبحانه وتعالى يتكلم متى شاء، كيفما شاء، يسمع بصوت وحرف، وهو ليس في ذلك بما يشبه المخلوقين، إنما هو على ما يليق بجلاله وعظمته.
كما أن من خصه الله بمنازل الكرامات، وأكمل عليه نعمته، ورزقه رؤيته يرى الله سبحانه منزهاً عن مماثلة الأجسام، وأحكام الحوادث، ولا مثل له سبحانه في ذاته وصفاته، وأجمعت الأمة على أن الرب تعالى خصص موسى عليه السلام وغيره من المصطفين من الملائكة بكلامه.
قال الأستاذ أبو إسحاق، اتفق أهل الحق على أن الله تعالى خلق في موسى عليه السلام معنى من المعاني أدرك به كلامه، كان اختصاصه في سماعه، وأنه قادر على مثله في جميع خلقه، واختلفوا في نبينا عليه السلام هل سمع ..