وبه قرأ نافع وهو بمعنى المهموز.
قال المهدوي: ويجوز أن يكون ترك الهمز من قولهم: أردى على المائة أي زاد عليها.
أردى وأربى بمعنى واحد يعني زاد.
وكأن المعنى أرسله معي زيادة في تصديقي، قاله مسلم بن جندب وأنشد قول الشاعر:
وأسمر خطياً كأن كعوبه ... نوى القسب قد أردى ذراعاً على العشر
كذا أنشد الماوردي هذا البيت قد أردى، وأنشده الغزنوي والجوهري في الصحاح قد أرنى، والقسب الصلب، والقسب: تمر يابس يتفتت في الفم صلب النواه، قال: يصف رمحاً، وأسمر البيت ... قال الجوهري: ردء الشيء يردء ردءة فهو رديء أي فاسد، وأردأته أفسدته.
وأسمر، إعراب أسمر. نعم مجرور برب المحذوفة وعلامة جره الفتح. مجرور بالفتحة؛ لأنه ممنوع من الصرف.
وأردأته أيضاً بمعنى أعنته تقول: أردأته بنفسي أي كنت له ردءاً وهو العون، قال الله تعالى: {فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي} [(٣٤) سورة القصص]، قال النحاس: وقد حكى ردأته ردءاً وجمع ردء أرداء، وقرأ عاصم وحمزة {يُصَدِّقُنِي} بالرفع وجزم الباقون، وهو اختيار أبي حاتم على جواب الدعاء.
أي جواب الطلب، أرسله يصدقني، جواب الطلب مجزوم، أو يجزم بشرط مقدر: إن ترسله يصدقني، هذا الأصل، ومن قرأه بالرفع، مثل: يرثني، الذي تقدم.
واختار الرفع أبو عبيد على الحال من الهاء في أرسله، أي أرسله ردءاً مصدقاً حالة التصديق، كقوله: {أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ} [(١١٤) سورة المائدة]، أي كائنة.
{فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي} [(٥ - ٦) سورة مريم]، ما قال: يرثْني.
حال صرف إلى الاستقبال، ويجوز أن يكون صفة لقوله: {رِدْءًا} {إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ} [(٣٤) سورة القصص]، إذا لم يكن لي وزير ولا معين لأنهم لا يكادون يفقهون عني، فقال الله -عز وجل- له: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} [(٣٥) سورة القصص]، أي نقويك به، وهذا تمثيل؛ لأن قوة اليد بالعضد، قال طرفة:
بني لبينى لستم بيد ... إلا يداً ليست لها عضد