للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>


وأخرجه البيهقي من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري، دلائل النبوة ٣/ ١٧٨، ففي هذه الرواية الثابتة بيان سبب وقعة بني النضير وأنها كانت بعد بدر، بل بعدها بستة أشهر كما ستحددها الروايات الآتية في مبحث (تاريخ غزوة بني النضير) ، وقد وافق الزهري السهيلي في الروض ٣/ ٢٥٠، والذهبي ١٥٣ في السيرة النبوية.
أما ابن إسحاق فقد ذكر سبباً آخر لوقعة بني النضير تتلخص "بأن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني النضير ليستعين بهم على دفع دية رجلين معاهدين قتلهما خطأ عمرو بن أمية الضمري في أعقاب حادثة بئر معونة، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم إلى جدار لبني النضير فهموا بإلقاء حجر عليه وقتله، فأخبره الوحي بذلك، فانصرف عنهم مسرعاً إلى المدينة ثم أمر بحصارهم فنزلوا على الصلح ... " تلخيص هذا السبب اقتبسته من السيرة الصحيحة للعمري ١/ ٣٠٧، وانظر الخبر مفصلاً عند ابن هشام ٢/ ١٩٠، وروى ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة مثل ذلك، مغازي عروة ١٦٤، وابن لهيعة ضعيف.
وهذا السبب الذي ذكره ابن إسحاق عن يزيد بن رومان، مرسل، ولا يرتقي لمعارضة السبب الذي ذكره عبد الرزاق بسند صحيح، وبما أن السبب الذي ذكره ابن إسحاق يعود إلى حادثة بئر معونة التي كانت في السنة الرابعة، فلا بد أن تكون غزوة بني النضير في السنة الرابعة، وسيأتي التفصيل في تاريخ الغزوة في المبحث الآتي.
قال الحافظ ابن حجر: "فهذا أقوى مما ذكره ابن إسحاق (يقصد الرواية المتقدمة التي ذكرها عبد الرزاق) من أن سبب غزوة بني النضير طلبه صلى الله عليه وسلم أن يعينوه في دية الرجلين، لكن وافق ابن إسحاق جل أصحاب المغازي، فالله أعلم، وإذا ثبت أن سبب إجلاء بني النضير ما ذكر من همهم بالغدر به صلى الله عليه وسلم وهو إنما وقع عندما جاء إليهم ليستعين بهم في دية قتيلي عمرو بن أمية، تعين ما قاله ابن إسحاق يعني في تاريخ الغزوة، لأن بئر معونة كانت بعد أحد بالاتفاق". اهـ. الفتح ٧/ ٣٣١- ٣٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>