للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>


فيه أنها كانت بعد أحد والتي بعد بدر بستة أشهر: هي غزوة بني قينقاع ... " زاد المعاد ٣/ ٢٤٩.
وقال ابن كثير: "ذكر البيهقي والبخاري قبله خبر بني النضير قبل وقعة أحد، والصواب إيرادها بعد ذلك، كما ذكر ذلك محمد بن إسحاق وغيره من أئمة المغازي، وبرهانه أن الخمر حرمت ليالي حصار بني النضير، وثبت في الصحيح أنه اصطبح الخمر جماعة ممن قتل يوم أحد شهيداً فدل على أن الخمر كانت إذ ذاك حلالاً، وإنما حرمت بعد ذلك فتبين ما قلناه من أن قصة بني النضير بعد وقعة أحد والله أعلم". أ. هـ. البداية والنهاية ٤/٩.
والذي يظهر لي - والله أعلم - أن غزوة بني النضير كانت قبل أحد وبعد بدر بستة أشهر كما قال الزهري وذلك لقوة الروايات التي وردت عن الزهري في ذلك، وقد تقدم أن منها الثابت المتصل والمرسل، أما ما ذكره ابن إسحاق من أنها كانت بعد بئر معونة أي في السنة الرابعة، فإن مستنده في ذلك تلك الرواية التي حدثه بها يزيد بن رومان وهو من صغار التابعين فهي لا ترقى إلى معارضة ما ذكره الزهري، وفي هذه الحالة يتعين الأخذ بقول الزهري، أما ما ذكره ابن كثير من أن الخمر حرمت ليالي بني النضير، وهو دليل على تأخرها عن أحد لكون بعض من شهد أحداً من الصحابة قد شربها صباح ذلك اليوم، فإنه لا يسلَّم بذلك لعدم ورود دليل صحيح يدل على ذلك، بل قد ذكر المفسرون أن الخمر قد حرمت بعد أحد، ولم يحددوها بليالي بني النضير، وقيل بعد الأحزاب، حيث أخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال: نزل تحريم الخمر في سورة المائدة بعد غزوة الأحزاب، وغزوة الأحزاب كانت سنة خمس على الصحيح؛ وأخرج ابن مردويه عن وهب بن كيسان قال: قلت لجابر: متى حرمت الخمر؟ قال: بعد أحد. انظر: فتح القدير للإمام الشوكاني ٢/٧٥، ورواية جابر لم تحددها بليالي بني النضير، فتبقى رواية الزهري هي الراجحة، وهو ما رجحه الإمام البخاري رحمه الله، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>