للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبادة ومعاذ بن جبل وعبد الله بن رواحة، فمشوا في دورهم فجمعوا كل نائحة وباكية كانت بالمدينة، فقالوا: والله لا تبكين قتلى الأنصار حتى تبكين عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه قد ذكر أنه لا بواكي له بالمدينة.

- وزعموا - أن الذي جاء بالنوائح عبد الله بن رواحة، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم البكاء قال: (ما هذا؟)

فأخبر بما فعلت الأنصار بنسائهم، فاستغفر لهم وقال لهم خيراً، وقال: (ما هذا أردت، وما أحب البكاء، ونهى عنه) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من عمل الجاهلية لن تتركهن أمتي: النياحة على الموتى، والطعن في الأنساب، وقيل هذا المطر بنوء١ كذا وكذا، وليس بنوء إنما هو عطاء الله ورزقه"٢.

وأخذ المنافقون عند بكاء المسلمين في المكر والتفريق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحزين المؤمنين وظهر غش اليهود وفارت المدينة بالنفاق فور المِرْجَل٣، وأظهروا النفاق والغش عند بكاء المسلمين ما كانوا مستخفين، وقالت اليهود: لو كان نبياً ما ظهروا عليه، ولا أصيب منه ما أصيب،


١ مطرنا بنوء كذا: أي مطرنا بفضل نجم كذا، والأنواء ثمان وعشرون منزلة، ينزل القمر كل ليلة منها منزلة، وإنما غلّظ النبي من أمر الأنواء لأن العرب كانت تنسب المطر إليها. النهاية ٥/ ١٢٢.
٢ يشهد له ما رواه البخاري في صحيحه ٧/ ١٥٦ مع الفتح، ومسلم ٢/ ٥٧ - ٥٩، والترمذي ٣/ ٣٢٥.
٣ المرجل: هو بالكسر الإناء الذي يُغلى فيه الماء. النهاية ٤/ ٣١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>