للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك لما أنزل: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} ١.


١ الآية (١٢٨) من سورة آل عمران.
وقد أخرج البخاري من حديث أنس رضي الله عنه سبب نزول هذه الآية وأن ذلك كان في أحد عندما شج وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال عليه الصلاة والسلام: "كيف يفلح قوم شجوا نبيهم؟ ".
فنزلت الآية: {ليسَ لكَ مِنَ الأمْرِ شيء} البخاري مع الفتح (٧/ ٣٦٥ رقم ٤٠٦٩) .
قال الحافظ: "قلت: وهذا إن كان محفوظاً احتمل أن يكون نزول الآية تراخي عن قصة أحد، لأن قصة رعل وذكوان كانت بعدها، والصواب أنها نزلت في شأن الذي دعا عليهم بسبب قصة أحد، والله أعلم. اهـ.
ثم قال: "ويؤيد ذلك ظاهر قوله تعالى في صدر الآية: {لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: يقتلهم {أَوْ يَكْبِتَهُمْ} أي يخزيهم {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} أي: فيسلموا {أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} أي: إن ماتوا كفاراً". انظر: الفتح ٧/ ٣٦٦، تحت رقم (٤٠٧٠) .
وقال رحمه الله في موضع آخر (الفتح ٨/ ٢٢٧) ، عند شرحه للحديث رقم (٤٥٦٠) المتعلق بقصة رعل وذكوان ونزول الآية فيهم: قال: تقدم استشكاله في غزوة أحد، وأن قصة رعل وذكوان كانت بعد أحد، ونزول: {ليسَ لكَ مِنَ الأمْرِ شيء} كان في قصة أحد، فكيف يتأخر السبب عن النزول، ثم ذكر بلاغ الزهري عند مسلم وقال عنه: "وهذا لا يصح، ثم حاول الجمع بين سبب نزول الآية في أحد ونزولها في قصة بئر معونة فقال: ويحتمل أن يقال إن قصتهم كانت عقب ذلك وتأخر نزول الآية عن سببها قليلاً ثم نزلت في جميع ذلك والله أعلم". اهـ. الفتح (٨/ ٢٢٧) .
وَذِكْرُ بني لحيان في هذه الرواية وهْمٌ حيث إنهم أصابوا بعث الرجيع وليس لهم علاقة بحادثة بئر معونة، قال ابن سيد الناس بعد ذكره لرواية مسلم: وهو يوهم أن بني لحيان ممن أصاب القُرَّاء يوم بئر معونة وليس كذلك، وإنما أصاب هؤلاء رعل وذكوان وعصية ومن صحبهم من سليم، وأما بنو لحيان فهم الذين أصابوا بعث الرجيع، وإنما أتى الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم كلّهم في وقت واحد، فدعا على الذين أصابوا أصحابه في الموضعين دعاءً واحداً. عيون الأثر (٢/ ٧٢) .
وقال ابن حجر: "ذكر بني لحيان في هذه القصة وهم، وإنما كان بنو لحيان في قصة خبيب في غزوة الرجيع التي قبل هذه". الفتح (٧/٣٨٧) تحت رقم (٤٠٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>