فأنكر عليه أصحابه ما قال، وقالوا: قاتلك الله، فلم خرجت وهذا في نفسك؟ لا صحبتنا الساعة.
فمكث المنافق معهم شيئاً ثم قام وتركهم فعمد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع الحديث، فوجد الله قد حدثه حديثه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والمنافق يسمع:"إن رجلاً من المنافقين شمت أن ضلت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: ألا يحدثه الله بمكان ناقته، وإن الله أخبرني بمكانها، ولا يعلم الغيب إلا الله، وإنها في الشعب المقابل لكم قد تعلق زمامها بشجرة" ١، فعمدوا إليها فجاءوا بها، وأقبل المنافق سريعاً حتى أتى الذين قال عندهم ما قال، فإذا هم جلوس مكانهم لم يقم منهم أحد من مجلسه، فقال: أنشدكم بالله هل أتى منكم أحدٌ محمداً، فأخبره بالذي قلت؟
قالوا: اللهم لا، ولا قمنا من مجلسنا هذا بعد.
قال: فإني قد وجدت عند القوم حديثي، والله لكأني لم أُسلم إلا اليوم، وإن كنت لفي شك من شأنه، فأشهد أنه رسول الله، فقال له أصحابه: فاذهب إليه فليستغفر لك، فزعموا أنه ذهب إليه فاعترف بذنبه،
١ ذكر ابن إسحاق هذه القصة من غير طريق الزهري، في غزوة تبوك، انظر: ابن هشام ٢/ ٥٢٣، وذكرها الواقدي في مغازيه: حدثني يونس بن محمد عن يعقوب بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد، ثم ذكر المتن، انظر: المغازي ٣/ ١٠٠٩- ١٠١٠، وذكر ابن كثير نقلاً عن ابن إسحاق هذه القصة مقتصراً على ذكر نزول المطر وضياع ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، انظر: البداية والنهاية ٥/ ٩.