للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجلاً شهد بدراً؟

قالت: أي هُنْتاه١، ولم تسمعي ما قال؟

قالت: وقلت: ما قال؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك قالت: فازددت مرضاً على مرضي فلما رجعت إلى بيتي دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم قال: (كيف تيكم؟)

فقلت له: أتأذن لي أن آتي أبوي؟ قالت: وأريد أن أستيقن الخبر من قبلهما. قالت: فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لأمي: يا أماه ماذا يتحدث الناس، قالت: يا بنية هوني عليك، فوالله لقلما امرأة قط وضيئة٢ عند رجل يحبها لها ضرائر٣ إلا أكثرن عليها٤، قالت: فقلت: سبحان الله أو لقد تحدث الناس بهذا٥؟


١ هنتاه: أي حرف نداء للبعيد، وقد يستعمل للقريب حيث ينزل منزلة البعيد، والنكتة فيه هنا أن أم مسطح نسبت عائشة إلى الغفلة عما قيل فيها ولإنكارها سبّ مسطح فخاطبتها خطاب البعيد، وهي بضم الهاء وسكون النون، وقد تفتح، بعدها مثناة وآخرها هاء ساكنة، الفتح ٨/ ٤٦٦.
٢ وضيئة: بوزن عظيمة من الوضاءة أي حسنة جميلة، وعند مسلم من رواية ابن ماهان (حظية) بمهملة ثم معجمة من الحظوة أي رفيعة المنزلة. الفتح ٨/ ٤٦٧.
٣ ضرائر: جمع ضرة، وقيل للزوجات ضرائر لأن كل واحدة يحصل لها الضرر من الأخرى بالغيرة. الفتح ٨/ ٤٦٧.
٤ أكثرن عليها: أي القول في عيبها. الفتح ٨/ ٤٦٧.
٥ زاد الطبري (التفسير ١٨/ ٩١) من طريق معمر عن الزهري: "وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: نعم"، وفي رواية ابن هشام (عند البخاري رقم ٤٧٥٧) : "فقلت: وقد علم به أبي؟ قالت: نعم، قلت: ورسول الله؟ قالت: نعم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم". الفتح ٨/ ٤٦٧.
ثم قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "طرق الحديث مجتمعة على أن عائشة بلغها الخبر من أم مسطح، لكن وقع في حديث أم رومان ما يخالف ذلك ولفظه: "بينا أنا قاعدة أنا وعائشة إذ ولجت علينا امرأة من الأنصار، فقالت: فعل الله بفلان وفعل، فقلت: وما ذاك؟ قالت: ابني ومن حدث الحديث، قالت: وما ذاك؟ قالت: كذا وكذا" هذا لفظ المصنف في المغازي، ولفظه في قصة يوسف: "قالت: إنه نمى الحديث، قالت عائشة: أي حديث؟ فأخبرتها، قالت: فسمعه أبو بكر؟ قالت: نعم، قالت: ورسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: نعم، فخرت مغشياً عليها".
وطريق الجمع بينهما: أنها سمعت ذلك أولاً من أم مسطح ثم ذهبت لبيت أمها لتستيقن الخبر منها، فأخبرتها أمها بالأمر مجملاً كما مضى من قولها هوني عليك وما أشبه ذلك، ثم دخلت عليها الأنصارية، فأخبرتها بمثل ذلك بحضرة أمها، فقوي عندها القطع بوقوع ذلك، فسألت هل سمعه أبوها وزوجها؟ ترجياً منها أن لا يكونا سمعا ذلك ليكون أسهل عليها، فلما قالت لها إنهما سمعاه غشي عليها". الفتح ٨/ ٤٦٧- ٤٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>