للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فراق أهله.

قالت: فأما أسامة فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم لهم في نفسه، فقال أسامة: أهلك ولا نعلم إلا خيراً، وأما علي فقال: يا رسول الله لم يضيق عليك والنساء سواها كثير١ وسل الجارية تصدقك. قالت: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة٢، فقال: أي بريرة:


١ كذا بصيغة التذكير كأنه أراد الجنس. الفتح ٨/ ٤٦٨.
قال الحافظ: "وهذا الكلام الذي قاله علي حمله عليه ترجيح جانب النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى عنده من القلق والغم بسبب القول الذي قيل، وكان صلى الله عليه وسلم شديد الغيرة، فرأى علي أنه إذا فارقها سكن ما عنده من القلق بسببها إلى أن يتحقق براءتها فيمكن رجعتها، ويستفاد منه ارتكاب أخف الضررين. الفتح ٨/ ٤٦٨.
وقال النووي: "هذا الذي قاله علي رضي الله عنه هو الصواب في حقه لأنه رآه مصلحة ونصيحة للنبي صلى الله عليه وسلم في اعتقاده ولم يكن ذلك في نفس الأمر، لأنه رأى انزعاج النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر وتقلقه فأراد راحة خاطره، وكان ذلك أهم من غيره" شرح النووي على مسلم ١٧/ ١٠٨.
وقال الحافظ ابن حجر: "وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة: "لم يجزم علي بالإشارة بفراقها لأنه عقب ذلك بقوله: "وسل الجارية تصدقك" ففوض الأمر في ذلك إلى نظر النبي صلى الله عليه وسلم، فكأنه قال: إن أردت تعجيل الراحة ففارقها، وإن أردت خلاف ذلك فابحث عن حقيقة الأمر إلى أن تطلع على براءتها، لأنه كان يتحقق أن بريرة لا تخبره إلا بما علمته، وهي لم تعلم من عائشة إلا البراءة المحضة". الفتح ٨/ ٤٦٨.
٢ بريرة هي: مولاة عائشة رضي الله عنها، - وهي بفتح الموحدة وكسر الراء - الفتح ٨/ ٤٦٩، انظر ترجمتها في الإصابة ٤/ ٢٥١- ٢٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>