الصلاة، فقال بعضهم لبعض: ألم تعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمركم أن تصلوا العصر في بني قريظة، وقال آخرون: هي الصلاة، فصلى منهم قوم، وأخرت طائفة منهم الصلاة، حتى صلوها ببني قريظة بعد أن غابت الشمس، فذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم من عجّل منهم الصلاة ومن أخّرها، فذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعنّف أحداً من الطائفتين، قال: ولما رأى عليّ بن أبي طالب رصي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلاً تلقاه، وقال: ارجع يا رسول الله، فإن الله كافيك اليهود، وكان عليّ سمع منهم قولاً سيئاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه، فكره علي أن يسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لِمَ تأمرني بالرجوع؟!
فكتمه ما سمع. فقال: أظنك سمعت بي منهم أذى؟ فامض، فإن أعداء الله لو رأوني لم يقولوا شيئاً مما سمعت.
فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحصنهم وكانوا أعلاه، نادى بأعلى صوته نفراً من أشرافها حتى أسمعهم فقال: أجيبونا يا معشر يهود، يا إخوة القردة، قد نزل بكم خزي الله.
فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتائب المسلمين بضع عشرة ليلة، وردّ الله عزوجل حيي بن أخطب الحصار، فصرخوا بأبي لبابة بن عبد المنذر، وكانوا حلفاء للأنصار، فقال أبو لبابة: لا آتيهم حتى يأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أذنت لك. فأتاهم أبو لبابة، فبكوا إليه وقالوا: يا أبا لبابة، ماذا ترى؟ وما تأمرنا؟ فإنه لا طاقة لنا بالقتال.