للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعظمه أصحابُه ما يعظم أصحابُ محمد صلى الله عليه وسلم محمداً. والله إنْ يتنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدَلَكَ بها وجهَه وجلدَه، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وَضوئه، وإذا تكلَّم خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحِدُّون إليه النظر تعظيماً له، وإنه قد عرض عليكم خطة رُشْد فاقبلوها.

فقال رجل١ من بني كنانة: دعوني آتيه، فقالوا: ائته.

فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا فلان، وهو من قوم يعظِّمون البُدْنَ٢، فابعثوها٣ له"، فبعثت له، واستقبله الناس يلبون، فلما رأى ذلك قال: سبحان الله! ما ينبغي لهؤلاء أن يُصدوا عن البيت، فلما رجع إلى أصحابه قال: رأيت البُدن قد قُلّدت٤ وأشعرت٥، فما أرى أن يُصدوا عن البيت، فقام رجل منهم يقال له:


١ فقال رجل: هو: (الحليس) - بمهملتين مصغر -، ابن علقمة، وهو من بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة وكان من رؤوس الأحابيش، وهم (بنو الحارث بن عبد مناة بن كنانة، وبنو المصطلق بن خزاعة، وبنو القارة بن الهون بن خزيمة) الفتح ٥/ ٣٤٢.
٢ البدن: البدنة تقع على الجمل والناقة والبقرة، وهي بالإبل أشبه، وسميت بدنة لعظمها وسمنها. النهاية ١/ ١٠٨.
٣ فابعثوها له: أي أثيروها دفعة واحدة. الفتح ٥/ ٣٤٢.
٤ تقليد البدنة: شيء تعلم به أنها هدي. القاموس (قلد) .
٥ إشعار البدن: هو أن يشق أحد جنبي سنام البدنة حتى يسيل دمها ويجعل ذلك لها علامة تعرف بها أنها هدي. النهاية ٢/ ٤٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>