للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوم الحديبية الناس للبيعة١ فجاء أبو سنان بن محصن٢ فقال: يا رسول الله أبايعك على ما في نفسك قال: "وما في نفسي؟ "

قال: أضرب بسيفي بين يديك حتى يظهرك الله أو أقتل، فبايعه وبايع الناس على بيعة أبي سنان٣.


١ المراد بالبيعة: بيعة الرضوان، والتي تمت تحت الشجرة، ونزل فيها قوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} الآية من سورة الفتح (١٨) . انظر: مسلم بشرح النووي ١٢/١٧٤-١٧٥.
وسببها أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد أرسل عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى قريش يخبرهم أنه إنما جاء يريد البيت الحرام لقضاء نسكه، لا يريد قتالاً، فبلغه أن قريشاً قتلت عثمان، فقال: لا نبرح حتى نناجز القوم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس للبيعة، فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة". انظر: ابن هشام ٢/٣١٥، وتفسير ابن جرير ٢٦/٨٦، ودلائل النبوة للبيهقي ٤/١٣٣.
٢ أبو سنان بن محصن أخو عكاشة، ذكره ابن إسحاق فيمن شهد بدراً، مات في حصار بني قريظة. انظر: الإصابة ٤/٩٦.
٣ المعجم الأوسط للطبراني ٢/٣٢٦-٣٢٧، ثم قال: لم يروِ هذا الحديث عن الزهري إلا محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف، ولا عن محمد إلا عبد العزيز بن عمران، تفرد به يعقوب بن محمد.
وقال الهيثمي في المجمع (٦/١٤٦) "رواه الطبراني في الأوسط وفيه: عبد العزيز بن عمران وهو متروك.
قلت: وفي سنده أيضاً: محمد بن عبد العزيز بن عمران، قال البخاري عنه: "منكر الحديث"، وقال النسائي: "متروك" كما تقدم، وفيه أيضاً: يعقوب بن محمد بن عيسى، قال عنه الحافظ ابن حجر: "صدوق كثير الوهم والرواية عن الضعفاء"، كما مرّ في التقريب.
فالحديث لا يثبت سنداً ولا متناً لأن أبا سنان بن محصن مات في حصار بني قريظة، كما ذكر ابن حجر، وحصار بني قريظة كان في السنة الخامسة، والحديبية في السنة السادسة، فكيف يكون ذلك؟!!
والمشهور: أن أول من بايع هو أبو سنان ابن وهب، كما ذكر ذلك ابن هشام في السيرة ٢/٣١٦، وابن سعد في الطبقات الكبرى ٢/١٠٠، والبيهقي في الدلائل ٤/ ١٣٧، وابن عبد البر في الاستيعاب ٤/ ٢٤٦-٢٤٧.
وذكر ابن حجر في الإصابة ٤/ ٩١، أن البغوي أخرج في ترجمة أبي سفيان بن الحارث من طريق أبي بكر بن عياش عن عاصم قال: أوّل من بايع تحت الشجرة: أبو سفيان بن الحارث، ثم تعقبه بقوله: (لم يصب في ذلك، فقد أخرجه غيره من هذا الوجه، فقال: أبو سنان ابن وهب، وهو الصواب، وهو المستفيض عند أهل المغازي كلهم، واسم أبي سنان عبد الله) .
وقد ذكر مسلم من حديث سلمة بن الأكوع أنه أول من بايع، مسلم بشرح النووي ١٢/١٧٤-١٧٥.
والجمع بين ما ذكره مسلم وأهل المغازي: أن أبا سنان أول من بايع مطلقاً، وأن سلمة أول من بايع من الأنصار، فأوليته بالإضافة إلى ما دون أبي سنان، ذكر ذلك السفاريني في شرح ثلاثيات مسند أحمد ٢/٧٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>