للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهي بسبب مسألة العرش ومسألة الكلام ومسألة النزول، وفيها من المواقف البطولية، والصدق في ذات الله ما يملأ النفس بالإِيمان والجد في العمل.

وكان مما جرى فيها أن أخاه الشرف، ابتهل، ودعا الله عليهم في حال خروجهم، فمنعه الشيخ وقال له: بل قل: "اللهم هب لهم نورًا يهتدون به إلى الحق".

فلِلَّهِ ما أَعظمه من أَدب جمّ، وما أَعظمه من خُلُقٍ رفيع، وهضمٍ للنفسِ، وبحثٍ عن الحقِّ. وإِنّ هذه -وأَيم الله- فائدة تساوي رحلة، وأَين هذه من حالنا، إِذا نِيلَ مِن واحد مِنَّا غضِبَ وسخِطَ، وجلبَ أَنواع الدُّعاء على عدوِّه، فاللهم اجعل لنا ولمن آذانا فيك نورًا نهتدي به إِلى الحق.

السَّجْنَة الثالثة: بمصر لمدة أَيام قليلة ابتداء من ٣ شوال ٧٠٧ بسبب استعداء السُّلطة عليه من المتصوفة بالقاهرة؛ لمنعه الاستغاثة والتوسل بالمخلوقين، وكلامه في ابن عربي الحاتمي الصوفي الملحد، فعقد له مجلس فاختلف الحضور بين براءته، وإدانته، وكان في طرف الإدانة القاضي البدر ابن جماعة.

عندئذٍ خُيِّرَ بين أُمورٍ ثلاثة: العودة إِلى دمشق، أَو البقاء بالإسكندرية بشروط، أَو الحبس فاختار الحبس، فأَلحّ عليه جماعة من رفاقِه ليسير معهم إِلى دمشق ويقبل الشروط، فوافقهم فركب خيل البريد ليلة ١٨ شوال ٧٠٧.

وبسببها أَلّف كتابه في الاستغاثة المعروف باسم: "الردّ على البكري".

<<  <   >  >>