للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما هي إِلا شهور ويتولى الملك الناصر محمد بن قلاوون سنة ٧٠٩ فأفَرج عن الشيخ واستدعاه للقاهرة، وقتل الجاشنكير شَرَّ قِتْلة، وحَمَلَ نصرًا المنبجي ومات في زاويته. وأَراد الناصر أَن ينتقم من القضاة والفقهاء الذين كانوا يوالون الجاشنكير، فاستفتى شيخ الإِسلام ابن تيمية، ففهم الشيخ مقصوده، فشرع في مدحهم والثناء عليهم، وأَنّهم لو ماتوا لم تجد مثلهم في دولتك، أَما أَنا فهم في حل من جهتي.

وكان القاضي ابن مخلوف المالكي يقول بعد ذلك:

"ما رأينا أَتقى من ابن تيمية، لم نُبْق ممكنًا في السعي فيه، ولما قدر علينا عفا عنا". عندئذٍ نزل الشيخ القاهرة، وسكن بالقرب من مشهد الحسين، والخلق على اختلاف طبقاتهم يترددون عليه، وهو يقول: "أنا أحللت كل من آذاني ومن آذى الله ورسوله فالله ينتقم منه".

وحصل له من الإِجلال والتعظيم ما يطول وصفه، وبَسَطَه ابن كثير في سنوات ٧٠٩ - إلى سنة ٧١٢.

واستمر إِلى أَن قدم دمشق صحبة السلطان لملاقاة التتر في ٨ شوال ٧١٢ أَي بعد غيبة في مصر دامت نحو سبع سنين، سُجِنَ ورُسِمَ عليه خلالها أَربع مرات، استغرقت نحو سنتين ونصف، وكان أَخواه معه حتى عاد إِلى دمشق.

وحصل خلال إِقامته هذه بمصر خير كثير، ونشر للعلم عظيم، وفيها كانت جملة كبيرة من مؤلفاته منها: "منهاج السنة النبوية" و"الاستقامة" و"تلبيس الجهمية" و"الفتاوى المصرية" وغيرها مما

<<  <   >  >>