للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجعلوا القِبلةَ لأهلِها ما بينَ المَشرقِ والمَغرِب، ثمَّ فتحوا خُراسانَ، وجعلوا قِبلةَ أهلِها ما بين مغربَي الصيفِ والشتاء.

وكانَ الشيخُ أبو منصورٍ الماتريديُّ (١) يقول: انظر إلى مَغربِ الشمسِ في أطولِ أيّامِ السنةِ، وإلى مغرِبِها في أقصرِ أيّام السنةِ، ثمَّ دَعِ الثُلثَين عن يمينِكَ والثُلثَ عن يسارِكَ، فتكونَ مُستقبِلَ القِبلةِ (٢).

وقالَ الفقيهُ أبو اللَّيثِ السمَرقنديُّ (٣): هذا في ديارِنا، وعِندَ انقطاعِ هذه فرضُ المُبتَلى بالحادثةِ التحرِّي، وهو عبِارةٌ تَقَعُ (٤) على طلبِ أحقِّ الأمرين، وأولاهُما بغالبِ الرأي عندَ تَعذُّرِ الوقوفِ على حقيقتِهِ، كذا ذَكرهُ في "شرحِ" تاجِ الشريعةِ.

"هد": مَنْ كانَ خَائِفًا يُصلِّي إلى أيِّ جهةٍ قَدِرَ؛ لتَحقُّقِ العُذرِ، فاشتبه (٥) الاشتباهُ.

"خف": رَجُلٌ صَلَّى إلى غيرِ القِبلةِ عَمدًا، فَوافَقَ ذَلِكَ الكعبةَ، قال أبو حنيفةَ: فهو كافِرٌ بالله، وبهِ أخذَ أبو اللَّيث.

وذَكَرَ في "الفتاوى الظهيريّة": مَن صلَّى إلى غيرِ جِهة الكعبةِ (٦) مُتعمِّدًا، لا يُكفَّر، وهو الصحيحُ.


(١) (محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدي: من أئمة علماء الكلام، نسبته إلى ما تريد محلة بسمرقند تـ: (٣٣٣ هـ) "الأعلام" (٧/ ١٩).
(٢) في (ص) و (س): (الكعبة).
(٣) (نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السَّمَرْقَنْدي، أبو الليث، الملقب بإمام الهدى: علامة، من أئمة الحنفية، من الزهاد المتصوفين تـ: (٣٧٣ هـ) "الأعلام" (٨/ ٢٧).
(٤) في الأصل: (عن أن) قبل (تقع)، فتصير الجملة: عبارة عن أن تقعَ، وهي ركيكة وصوابها ما أثبتناه، ومعنى: عبارة تقع: عبارةٌ تصحُّ.
(٥) في (ص) و (س): (فأشبه).
(٦) في (س): (القبلة).

<<  <   >  >>