وفي "شرحِ الجامعِ الصغيرِ" للصدرِ الشهيدِ عمرَ بن عبدِ العزيز بن عمرَ بن مازَهُ تحتَ مسألةِ (صلّى الفجرَ خلفَ إمام يقنتُ): فإنّه يسكتُ ولا يتابعُه؛ عند أبي حنيفة ومحمدٍ، وقال أبو يوسفَ: يتابِعُهُ، إلخ. قال بعضُ مشايخنا: دلّت المسألةُ على أن اقتداءَ الحنفيِّ بشافعيِّ المذهبِ جائزٌ إذا كان محتاطًا في موضعِ الخلافِ، ولم يكن متعصبًا، ولا شاكًا في إيمانه، وأنكرَ آخرونَ ذلكَ؛ فإنّه رُوِيَ عن مكحولٍ النسفيِّ - مصنِّفِ كتابِ اللؤلؤياتِ - عن أبي حنيفةَ أنّ مَنْ رَفَعَ يَدَيْهِ عند الركوعِ وعند رفعِ الرأسِ منه فسدَتْ صلاتُهُ؛ لأنه عملٌ كثيرٌ، فصلاتُهم فاسدةٌ عندنا، فلا يصح هذا الاقتداء. انتهى. والحق أنّ هذه الروايةَ التي رواها مكحولٌ شاذةٌ لا يعتدُّ بها ولا بذَاكِرِها، وممن صرّح بشذوذها: محمّدُ بن عبد الواحدِ الشهيرِ بابنِ الهمامِ في فتح القدير، وذكَرَ أنّه صرّحَ بشذوذِها صاحبُ النهاية. وفي "حليةِ المُحَلِّي شرح منيةِ المصلِّي" لابن أمير حاج: الفسادُ برفع اليدين في الصلاة رواية مكحول النسفيِّ عن أبي حنيفةَ، وهو خلافُ ظاهرِ الرواية؛ ففي الذخيرة: رفعُ اليدينِ لا يُفْسِدُ؛ منصوصٌ عليه في باب صلاةِ العيدين في "المختارِ": لا يفسدُ؛ لأنَّ مُفْسِدَها لم يُعرَف قُربةً فيها. أ. هـ. وفي السرّاجية رفع اليدين لا يفسد وهو المختار. انتهى. وفي مقدمة رفع اليدين في الصلاة لمحود بن أحمد بن مسعود القونوي: القول بعدم جواز اقتداء الحنفي بالشافعي ليس مذهب أبي حنيفة، وإنّما هو قولٌ شاذٌّ، ذكرَهُ بعضُ المتأخرينَ على رواية مكحولٍ النسفيِّ: وإن مكحولًا تفردَ بهذِه الروايةِ. ولم يروِها أحدٌ غيرُه في ما تعلم. ولم يكن مشهورًا بالرواية في المذهب. =