للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أربابُها، وتزخرَفَتِ الدنيا، وخطَرَ خُطّابُها (١).

وتفرَّدَ المشايخُ معَ أتباعِهم بأعمالٍ صالحةٍ، وأحوالٍ سَنيَّةٍ، وصِدقٍ في العزيمةِ، وقُوَّةٍ في الدينِ، وزَهِدوا في الدنيا، واغتنموا العُزلةَ والوَحدَةَ، وبنوا لنفوسِهمُ الزوايا والخانقاهات، يجتمعونَ فيها تارةً ويتفرَّدونَ أخرى، فصارَ لهم بعدَ اللسانِ لسانٌ، وبعدَ العرفانِ عرفانٌ، وبعدَ الإيمانِ إيمانٌ غيرَ ما يتعاهدُونَها (٢)، فصارَ لهم بمُقتضى (٣) ذلكَ عُلومٌ يَعرِفُونَها، وإشاراتٌ يتعاهَدُونها، فهم أجسامٌ روحانيُّون، وفي الأرضِ سماويُّونَ، ومع الخلقِ ربّانيُّونَ، سكوتٌ نُظّارُ غيبٍ، فصار (٤) ملوكٌ تحت أظهارٍ (٥) فانيةٍ.

فانتهى (٦) الطالبُ أنَّ وجْهَ الأرضِ لا يخلو منهم، وديارَ الإسلامِ (٧) بمُزَحْزَحٍ عنهم، فليَطْلُبِ الطالِبُ، وليَجْهَدِ (٨) السالِكُ؛ لقوله : "مَن طلب شيئًا وجدَّ وَجَد" (٩)، كما قالوا: "مَن قرع البابَ ولجَّ وَلَجَ".

وذَكَرَ المشايخُ في كُتُبهم: أنَّ أكثرَ (١٠).


(١) سقط من الأصل ومن (س): (خطّابها).
(٢) في الأصل وفي (ص): (يتعاهدها).
(٣) في (ص): (لمقتضى).
(٤) في (س) و (ص): (حضّار).
(٥) في (ص): (أطمار).
(٦) قوله: (فانتهى) سقط من (س) و (ص).
(٧) زيد في (س) و (ص): (ما هو).
(٨) في (ص): (والجهد).
(٩) لم أجده في شيء من كتب الحديث التي بين يديّ، ومعناه صحيح.
(١٠) زيد في (س) و (ص): (فقراء).

<<  <   >  >>