للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذهِ الأعصارِ كما (١) خَلَتْ بواطنُهم عن لطائفِ الأفكارِ ودقائقِ الأعمالِ، ولم يحصُلْ لهم أُنسٌ باللهِ تعالى، وتذكرَةٌ (٢) في الخلوَةِ، وكانوا بطّالينَ غير مُحترفينَ (٣) ولا مشغولينَ ومُتقنّعينَ باللّبَاسِ، والمُتقنِّصِينَ (٤) بقناعِ الجهلِ واليأسِ ظاهِرٌ (٥)، وقد عمَّ صورةُ خَضِرٍ وإلياسَ ، وباطنُهم مشحونةٌ بالحقدِ والغلِّ واليأسِ (٦)، وقد (٧) عمَّ فيهم الضلالُ، واجتمعَ عندَهم الحلالُ والحرامُ، ولا يُميِّزونَ الأصدقاءَ من الأعداءِ، ولا يعرِفُونَ الصوتَ من الصداءِ، وقد أَلِفوا البطالةَ، واستثقلوا العملَ، واستعاروا طُرُقَ الكسبِ، واستلافوا جانِبَ السؤالِ، واستطابُوا الزوايا المبيَّنةَ لهُم (٨) في البلادِ، ولبسوا خرقةً تشبه خرقةَ المشايخِ، واتَّخذوا من الخانقاهاتِ مُتنزَّهاتٍ.

وربَّما تلقَّنوا (٩) ألفاظًا مُزخرفةً من الطامّاتِ، فينظرونَ إلى أنفُسِهِم وقد


(١) في (ص): (لما).
(٢) في (ص): (وبذكره).
(٣) في (س): (متحرفين).
(٤) في (ص): (والمتقنعين).
(٥) قوله: (ظاهر) سقط من (س).
(٦) زيد في (ص): (ونقضُوا أركانَ التصوُّف، وستَروا سبيلَهُ، وهدموا أساسَهُ ومبانيهِ، وغيَّرُوا معانِيهِ بآسامٍ أحدَثوه: سمّوا الطمَعَ زيادةً، وسوءَ الأدبِ إخلاصًا، وارتكابَ المحظوراتِ وجدةً، والتلذُّذَ بالمناهِي وجدًا وطِيبةً، واتّباعَ الهوى والشهواتِ عشقًا وجذبةً، وقلةَ الحياءِ مرتبةً، والرجوعَ إلى الدينا وصولًا، وسوء الخُلُقِ هَيبةً، وشَرَهَ النفسِ واللسانِ انبساطًا، والطّامّاتِ معرفةً، والشعبَذَةَ والكذِبَ كرامةً).
(٧) في (ص): (فقد).
(٨) في (ص): (فهُم).
(٩) في (ص): (تلقفوا).

<<  <   >  >>