وأيضًا هو يشبه اللبن في أنه غذاء للروح من الجهل والوحشة.
وهو دليل أيضًا علي منة الله وعطائه.
رابعًا: اللبن يدل على الإنجاب الذي هو امتداد لصاحبه بإنتاج نسله، وكذلك العلم فهو امتداد لصاحبه في حياته وبعد مماته بالعلم النافع للناس من بعده.
خامسًا: وكذلك فإنه ليس شيء من الغذاء يجزئ إلا اللبن، كذلك العلم إذا أخذه الإنسان من محله ومن أهل العلم، وتجنب الآفات فإنه يكون فيه الخير كله.
وغير ذلك من أوجه الشبه بين العلم واللبن لذا أول النبي ﷺ اللبن بالعلم.
الفائدة السابعة: أنَّ العلم النافع الذي يسري في جوارح العبد ويظهر فيها، وهذا يدل علي أنَّ الإيمان قول وعمل، وأنَّ العلم أثره ونتائجه العمل، ولذلك شرب النبي ﷺ اللبن ثم انتشر في أعضائه حتي رآه في أظفاره.
الفائدة الثامنة: أنَّ المراد بالعلم هنا علم الدين لأنه فضل الأنبياء وميراثهم.
الفائدة التاسعة: فيه أيضًا جواز اختبار المعلم لتلامذته ففي رواية أخرى قال لهم النبي ﷺ أولوها قالوا: يا نبي الله هذا علم أعطاكه الله فملأك منه ففضلت منه فضلة فأعطيتها عمر، قال: أصبتم (١)، قال الحافظ ﵀ ويُجمع بينهما بأن هذا وقع أولًا، ثم احتُمل عندهم أن يكون في تأويلها زيادة علي ذلك، فقالوا يا رسول الله: فما أولتَها؟ - أي فما أولتَها أنت؟ - فقال إنما أولتُه بكذا وكذا بما يوافق قولهم وتأويلهم.
(١) فضائل الصحابة للإمام أحمد (١/ ٢٥٣) ط مؤسسة الرسالة، صحيح ابن حبان (١٥/ ٢٦٩) مؤسسة الرسالة.