الفائدة الخامسة: فيه بيان فضيلة العلم إذ هو فضل الأنبياء ومايتبقى منهم للأمة، وهو يدل أنَّ «العلماء ورثة الأنبياء، فإنَّ الأنبياء لم يورثوا دهمًا ولا دينارًا إنما ورثوا العلم»(١).
الفائدة السادسة: فيه دليل علي أنَّ العلم يشبه اللبن، والعلم يشبه اللبن في أمور كثيرة:
أولًا: أنَّ اللبن تقوم به حياة الأبدان، والعلم تقوم به حياة القلوب لذلك أوَّل النبي ﷺ العلم باللبن.
ثانيًا: اللبن خُلق من بين فرث ودم واستُخلِص من بينهما، وكذلك العلم فإنه يخلص المعرفة من بين الشك والجهل، ويبعد الإنسان عن الشبهات والظلمات، فاللبن سبب معاش الانسان وقوة بدنه، وكذلك العلم سبب لصلاح دنياه وآخرته، وهو حياة الروح.
ثالثًا: اللبن يدل علي الخير كله؛ لأنه يدل علي الحمل، ويدل علي الإنجاب، ويدل علي ظهور الأسرار والخفايا، ويدل أيضا علي العطاء، كذلك قد يكون اللبن دواءً كما في الإبل، وقد يكون غذاءً كما في البقر، كل ذلك أيضا يوجد في العلم، فالعلم هو خير، وإنجاب للروح؛ لأن الولادة كما سبق نوعان:
• ولادة يخرج بها العبد من بطن أمه.
• وولادة الروح والقلب من مشيمة الظلمة والضلالات، وهذه الولادة تتم عن طريق العلم.
وكذلك العلم فيه إظهار الأسرار والخفايا التي يمن الله ﵎ بها علي
(١) أخرجه الترمذي في جامعه (٤/ ٣٤٦) ط دار الغرب الإسلامي، وابن ماجه في سننه (١/ ١٥١) ط الرسالة، والحديث حسن لغيره.