للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• فلقد ذُكر أنَّ سبب انتقال الإمام الطحاوي إلى مذهب أبي حنيفة ورجوعه عن مذهب خاله المزني الذي كان شافعيًّا أنه قال له يومًا: (والله لا يجيء منك شيء)، أي لا ينتظر منك شيء ذو قيمة فتركه واشتغل على أبي جعفر بن أبي عمران الحنفي، حتى برع وفاق أهل زمانه، وصنف كتبًا كثيرة (١).

الفائدة الثالثة: حسن الظن بالمتعلم.

الفائدة الرابعة: وجوب تعليم السائل والمتعلم.

سؤال: لماذا لم يُجِبِ النبي على الرجل أول ما سأله؟

الجواب: اختلف الصحابة رضوان الله تعالى عليهم في هذا:

• فقال بعضهم: إنَّ النبي سمع ما قاله الرجل فكره قوله؛ إذ إنه كان يسأل عن شيء لا يرتبط بالعمل، وكان النبي يكره مثل هذا.

• وقال بعضهم: إنَّ النبي لم يسمع ما قال الرجل، وهذا يدل على أنه ليس من دأبه أن يُعرض عن السائل، ولو كان النبي يخطب على المنبر، لأنه ثبت من حديث أبي رِفَاعَةَ أنه قال: انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ وَهُوَ يَخْطُبُ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، رَجُلٌ غَرِيبٌ، جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ، لا يَدْرِي مَا دِينُهُ، قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ ، وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ، فَأُتِيَ بِكُرْسِيٍّ، حَسِبْتُ قَوَائِمَهُ حَدِيدًا، قَالَ: فَقَعَدَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ ، وَجَعَلَ يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ، فَأَتَمَّ آخِرَهَا (٢).


(١) أخبار أبي حنيفة وأصحابه لأبي عبد الله الصَّيْمَري (ص ١٦٨) ط عالم الكتب، تاريخ دمشق لابن عساكر (٥/ ٣٦٩) ط دار الفكر، الجواهر المضية في طبقات الحنفية لمحيي الدين الحنفي (١/ ٧٦).
أبو جعفر بن أبي عمران = هو الإمام العلامة شيخ الحنفية أحمد بن موسى بن عيسى البغدادي، كان إمامًا بحرًا في العلم يوصف بحفظ وذكاء مفرط، توفي سنة ٢٨٠ هـ.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه (٢/ ٥٩٧ ح ٨٧٦) ط إحياء التراث.

<<  <   >  >>