للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفائدة الرابعة: فضل سد الفرجة في الحِلَقِ ومجالس العلم.

الفائدة الخامسة: الثناء على من زاحم في طلب العلم، فالذي جلس في الفرجة كأنه زاحم في ذلك، لكن الأعمال الفاضلة قد تتغير من شخص لآخر بحسب تصوره، فقد تختلف الأفعال لكنها تكون كلها حسنة، فقد جاء النبي وأبو بكر يصلي بالناس، فلما تأخر أبو بكر أشار له النبي بالبقاء، لكنه رجع، وفي صلاة أخرى جاء النبي وعبد الرحمن بن عوف يصلي بالناس، وأراد أن يرجع فأمره النبي بالبقاء فبقي إمامًا (١)، فإنَّ الفعلين مختلفان، ومع ذلك كلا الفعلين كان حسنًا، فقد غلب على عبد الرحمن بن عوف الامتثال لأمر النبي ، وأما أبو بكر غلب عليه الأدب، وقال: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله .

• وهذا أبو هريرة قد أكثر من رواية الحديث على العكس من الزبير فهو مقل في رواية الحديث، فلما سئل الزبير عن ذلك ذكر حديث النبي «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»، فكأنه رأى أنَّ كثرة التحديث توقع في الخطأ، وكثرة الخطأ قد توقع في الكذب؛ فلذلك حمى نفسه وابتعد عن ذلك، أما أبو هريرة فقد وجد نفسه متثبتًا، ورأى عدم جواز كتمان العلم ووجوب إبلاغه، فكان لكل واحد منهما حجة وسببٌ.

الفائدة السادسة: فضل الحياء، فإنَّ الرجل الثاني جاء في رواية أخرى أنه رجع إلى الحلقة بسبب أنه استحيا لما ترك الحلقة وانصرف، فلا حرج أن يدرك الإنسان ما أخفق فيه في أوله.


(١) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (ح ١١٢)، وأبو داود في سننه (ح ١٤٩)، وابن خزيمة في صحيحه (ح ١٥١٥).

<<  <   >  >>