الفائدة العاشرة: فضيلة الحكمة (ورجل آتاه الله الحكمة) وهي وضع الشيء في موضعه، فالشدة في موضع الشدة، واللين في موضع اللين، قال تعالى: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة: ٢٦٩].
الفائدة الحادية عشرة: أهمية النية فالذي يغبط أهل العلم وأهل المال ولا يستطيع أن يفعل فعلهم قد يأجره الله تعالى على ذلك، وبين النبي ﷺ أنه محمود، فعن أَبي كَبْشَةَ الْأَنَّمَارِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ لَا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ (١).
الفائدة الثانية عشرة: من الفوائد أيضًا: أنَّ تبويب البخاري، وقول عمر ليس عامًّا، ولكنه باعتبار الغالب، فالسيادة تمنع العلم في كثير من الأحيان، وليس في كل الأحيان، فقد كان عبد الرزاق وأحمد والشافعي وغيرهم سادة، وما منعهم ذلك من التعلم، ولذلك قال البخاري: وقد تعلم أصحاب النبي ﷺ في كبر سنهم.
الفائدة الثالثة عشرة: فضيلة التعليم، فإنَّ الحكمة والعلم لا تغتبط إلا بالأثر، فالغبطة ليست بتعلم العلم فقط، بل وبتعليمه.
(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٢٩/ ٥٦٢) ط الرسالة، والترمذي في جامعه (٤/ ١٤١) ط الغرب الإسلامي بإسناد حسن.