للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجل لا بد أن يعارض: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} [الفرقان: ٣١] (١) فكل دعوة حقة لا بد أن يقوم لها معارض لا بد أن يقوم لها ممانع ومجادل فيها ومشكك، ولكن يجب على الداعية أن يصبر على ما يعترض دعوته حتى لو وصفت تلك الدعوة بأنها خطأ أو أنها باطل، وهو يدرك أنها مقتضى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليصبر على ذلك.

ولكن هذا لا يعني أن الإنسان يصر على ما يقول وما يدعو إليه وإن تبين له الحق، فإن الذي يصر على ما يدعو إلية وإن تبين له الحق يشبه من قال الله فيهم: {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ} [الأنفال: ٦] (٢) المجادلة في الحق بعد ما تبين صفة مذمومة. وقد قال الله فيمن اتصف بها: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ١١٥] (٣) فما يعترض دعوتك، أيها الداعية، إن كان حقا فالواجب عليك الرجوع إليه، وإن كان باطلا فلا يثني عزمك عن المضي قدما في دعوتك.

كذلك لا بد أن يكون الداعية صابرا على ما يعترضه هو من الأذى؛ لأن الداعية لا بد أن يؤذى إما بالقول وإما بالفعل، وها هم الرسل صلوات الله


(١) سورة الفرقان، الآية ٣١.
(٢) سورة الأنفال، الآية ٦.
(٣) سورة النساء، الآية ١١٥.

<<  <   >  >>