للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكلهم معترفون بأن الإحاطة بالعلم كله من غير شذوذ شيء منه ليس هو مرتبة أحد منهم، ولا ادعاه أحد من المتقدمين ولا من المتأخرين، فلهذا كان أئمة السلف المجمع على علمهم وفضلهم يقبلون الحق ممن أورده عليهم وإن كان صغيرا (١) ويوصون أصحابهم وأتباعهم بقبول الحق إذا ظهر في غير قولهم، كما قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في مهور النساء، وردت المرأة بقولها: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النساء: ٢٠] (٢) فرجع عمر - رضي الله عنه - عن قوله وقال: " أصابت امرأة ورجل أخطأ " (٣) .

وكان الشافعي - رحمه الله - يوصي أصحابه باتباع الحق وقبول السنة إذا ظهر لهم على خلاف قوله، وأن يضرب بقوله حينئذ الحائط (٤) ويقول: إنه " ما ناجزني أحد فباليت، أظهرت الحجة على لسانه أو على لساني ". وهذا يدل على أنه لم يكن له قصد إلا ظهور الحق ولو كان على لسان غيره ممن يخالفه.

ومن كانت هذه حاله فإنه لا يكره أن يرد عليه قوله ويتبين له مخالفته


(١) انظر قصة الحافظ الدارقطني وهو صغير، لما صحح للحافظ الإمام ابن الأنباري وهو إمام كبير، فقيل هذا من ذاك في (تاريخ بغداد) ، جـ ٣، ص ١٨٣.
(٢) سورة النساء، الآية ٢٠.
(٣) رواه البيهقي.
(٤) إعلام الموقعين، جـ ٢، ص ٦٣.

<<  <   >  >>