للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للسنة لا في حياته ولا في مماته.

وهذا هو الظن بغيره من علماء الإسلام الذابين عنه، القائمين بنصره من السلف والخلف، ولم يكونوا يكرهون مخالفة من خالفهم، ولو لم يكن ذلك الدليل قويا عندهم بحيث يتمسكون به ويتركون دليلهم له.

ولهذا كان الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - يذكر إسحاق بن راهويه ويمدحه ويثني عليه ويقول: " وإن كان يخالف في أشياء، فإن الناس لم يزل بعضهم يخالف بعضا " (١) أو كما قال، وكان كثيرا ما يعرض عليه كلام إسحاق وغيره من الأئمة، ومآخذهم في أقوالهم، فلا يوافقهم في قولهم، ولا ينكر عليهم أقوالهم، ولا استدلالهم، وإن لم يكن هو موافقا على ذلك.

وقد استحسن الإمام أحمد ما حكي عن حاتم الأصم، أنه قيل له: " أنت رجل أعجمي لا تفصح، وما ناظرك أحد إلا قطعته، فبأي شيء تغلب خصمك؟ ، فقال: بثلاث: أفرح إذا أصاب خصمي، وأحزن إذا أخطأ، وأحفظ لساني عنه أن أقول له ما يسوؤه "، أو معنى هذا، فقال أحمد: " ما أعقله من رجل " (٢) .

هذه وجهة نظر بعض العلماء في الخلافات الفرعية. وأن الخلاف في الفروع يجب ألا يفرق الدعاة إلى الله، فالخلاف من طبيعة البشر. وإنه لا


(١) الفرق بين النصيحة والتعيير، مصدر سابق، ١١.
(٢) المصدر السابق، ص ١١.

<<  <   >  >>