للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناصح أنه يقبل نصحه ويطاع أمره وأمن على نفسه المكروه، فإن خشي أذى فهو في سعة " (١) " ومن علم أن أمره ونهيه لن ينفع وأنه سيضرب إذا تكلم لم يجب عليه أمر أو نهي وعليه فقط أن يكره المعصية وينكرها بقلبه ويقاطع فاعلها وأن لا يحضر مواضع المعاصي والمناكير، ومن علم أن نهيه إذا نهى عن منكر سيؤدي إلى إزالته أو إلى أن يزول ويخلفه ما هو أقل منه رتبة فقد وجب عليه النهي عن المنكر، وإذا علم أن النهي عن المنكر سيؤدي إلى منكر آخر في درجته فهو بالخيار إن شاء منع المنكر ونهى عنه، وإن شاء تركه بحسب ما يؤديه اجتهاده، أما إذا علم أن إزالة المنكر ستؤدي إلى ما هو شر منه سقط عنه الواجب بل حرم عليه النهي، ومن الأمثلة على ذلك أن يجد مع شخص شرابا حلالا نجس بسبب وجود نجاسة فيه ويعلم أنه لو أراقه لشرب صاحبه الخمر فلا معنى لإراقته، ومثل ذلك ما حدث من ابن تيمية - رحمه الله - فقد مر وبعض أصحابه في زمن التتار بقوم يشربون الخمر، فأنكر عليهم أصحاب ابن تيمية شرب الخمر ولكن ابن تيمية أنكر على أصحابه قولهم، وقال لهم: إنما حرم الله الخمر لإنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة وهؤلاء تصدهم الخمر عن قتل النفوس وسبي الذرية وأخذ الأموال فدعوهم وخمرهم (٢) .


(١) شرح صحيح مسلم، ج ١، ص ٥٤.
(٢) الحسبة لابن تيمية، ص ٦٧ - ٦٨.

<<  <   >  >>