للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويسألونها قضاء حاجاتهم وتفريج كرباتهم (١) .

وعلى العموم انتشرت الأضرحة والقبور في كل مكان وفي كل مدينة في العالم الإسلامي، ولم يكتفوا بذلك بل عادوا إلى الجاهلية الأولى فقدسوا الجماد والنبات (٢) بل وصلت الحال في عُبَّاد القبور إلى أن علماءهم أخذوا يضعون الكتب لهؤلاء العامة لبيان كيفية الحج إلى هذه القبور وإقامة البدع عندها وسموها بأسماء " مناسك حج المشاهد والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة والمنام ونحو ذلك " (٣) .

ومن البدع التي أساءت إلى الحياة الدينية عند المسلمين بدعة المحمل، فقد اعتاد الأتراك العثمانيون أن يرسلوا إلى مكة - عن طريق ولاتهم - محملا وهو جمل ينصب عليه هودج يحمل الكسوة للكعبة المشرفة، ويزين بأنواع الزينة ويأتي إلى مكة في موكب من الطبول والمزامير، ويقوم بعض الناس بالتمسح به، وتقبيله زيادة في تعظيمه , وجعلوا ذلك كله كالسنة المتبعة المفروضة، بل توهم بعض العامة أن المحمل جزء من فريضة الحج.

ومن البدع الأخرى بدعة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، وما يقع فيها من الأمور البدعية البعيدة عن جوهر الإسلام الصحيح (٤) .

وبهذا كله نرى كيف ضاعت عناية الأتراك العثمانيين بدين الإسلام في هذه الأمور البدعية وما شابهها، دون الاهتمام بما هو أهم وأولى وذلك بالحرص على غرس الإسلام الصحيح في نفوس أتباعه، يقول محمد حامد الفقي: " كانت عنايتهم - أي الأتراك العثمانيين - بالدين منصرفة إلى زخرفة المساجد، وتزويق المصاحف، وتجديد كتابة الدلائل والبردة، ونحو ذلك " (٥) .


(١) حسين بن غنام: روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوي الإسلام ج١ ص ١٠.
(٢) جمال الدين الشيال: المرجع السابق ص ٥٧.
(٣) حسين بن غنام: المرجع السابق ج١ ص ٨٨، ٩٢ (ط١، بابطين) .
(٤) منير العجلاني: تاريخ البلاد العربية السعودية ج١: الدولة السعودية الأولى ص ٢٩١ - ٢٩٥.
(٥) محمد حامد الفقي: أثر الدعوة الوهابية في الإصلاح الديني والعمراني في جزيرة العرب ص ٢٣.

<<  <   >  >>