للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧ - أن الكتاب المتأخرين الذين وافقوا لمع الشهاب في كلامهم عن رحلات الشيخ لا يحتج بهم، إذ لا شك أنهم قد تأثروا أو نقلوا عن لمع الشهاب كليا أو جزئيا في (١) هذا الصدد.

ومهما يكن من أمر فقد فتحت هذه الرحلات أمام الشيخ تفكيره، ووسعت مداركه وعلومه، فاطلع على الفساد الديني والسياسي الذي يعيشه العالم الإسلامي حينذاك (٢) فعاد إلى بلده وكله عزيمة وأمل بأن يقوم بإصلاح هذا الفساد بقدر ما يسعه جهده عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» .

[مراحل الدعوة]

مراحل الدعوة: لقد أوجبت الظروف السياسية للدعوة أن تمر بعدة مراحل كان لها أكبر الأثر في تكوينها لحركة إصلاحية هامة، ليس في منطقة الجزيرة العربية فحسب بل في العالم الإسلامي بأسره، ويستطيع الباحث أن يستخلص هذه المراحل عند تتبعه لحياة الشيخ في حريملاء، ثم العيينة، ثم الدرعية، فعندما وصل الشيخ إلى حريملاء أخذ يجهر بدعوته وينكر ما يفعله الجهال من البدع والشرك في الأقوال والأفعال، ولكن والد الشيخ منعه من ذلك خوفا على ابنه من ثورة العامة، فاتجه الشيخ في هذه الفترة إلى البحث والتحصيل وألف كتاب (التوحيد) حتى إذا توفي والده سنة ١١٥٣ هـ (١٧٤٠ م) أعلن دعوته من جديد لكنه لم يلبث أن قرر أن (حريملاء) لا تصلح لنشر الدعوة لعدم استتباب الأمن فيها نتيجة لانقسام أهلها وانقسام الحكم فيها مما جعل الشيخ يتعرض لخطر عبيدها، الذين ضاقوا ذرعا بزجر الشيخ لهم وحدّه من تماديهم وفسقهم حتى إنهم قرروا قتل الشيخ (٣) مما جعل الشيخ يعزم على العودة إلى (العيينة)


(١) انظر مثلا جمال الدين الشيال (الحركات الإصلاحية) ص ٥٦، وأحمد أبو حاكمة (محاضرات في تاريخ شرقي الجزيرة) ص ١٥٦، وعبد العزيز سيد الأهل (داعية التوحيد) ، وحسن خزعل (حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب) في حديثهما عن رحلات الشيخ.

(٢) Nicholson: Ibid p. ٤٦٦.
(٣) حسين بن غنام: المرجع السابق ج١ ص ٣٠.

<<  <   >  >>