للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(عبد العزيز بن محمد بن سعود) ولم يف بالعهد، فقد قتل مجموعة موالية له -أناسا يدينون بالولاء للإمام عبد العزيز - تقدرهم بعض المصادر التركية بثلاثمائة شخص - فطلب عبد العزيز من الوالي في العراق التقيد بالاتفاق وتأديب المعتدين وتسليم ديات القتلى , لكن الوالي التركي لم يلتفت إلى ذلك كله، مما جعل عبد العزيز يرسل سرية بقيادة ابنه (سعود بن عبد العزيز) انضم إليها كثير من أهل البادية بعضها معادية لوالي العراق، وغير موالية للإمام عبد العزيز وللدعوة، فأحدثوا ما قلناه في الفقرة السابقة (١) .

أما أولئك الذين يشنعون على الدعوة ويزعمون أن أتباعها يكفّرون من هم على غير مذهبهم من المذاهب الإسلامية كالشافعية والحنفية والمالكية، فإن أقرب رد على هؤلاء أن أتباع الدعوة حينما كان لهم حكم الحرمين الشريفين من سنة ١٢١٧ - ١٢٢٨ هـ (١٨١٣-١٨٠٢ م) لم يمنعوا هؤلاء من الحج ولو كانوا يكفرونهم لمنعوهم من الحج , هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنهم يطالبون هؤلاء بالتمسك بأقوال أئمتهم في إخلاص التوحيد لله، ولو أن الإمام الشافعي مثلا - وجد اليوم ورأى ما يفعله الناس عند قبره لكان أشد من أتباع الدعوة السلفية ردعا لهؤلاء الناس، وغضبا لعقيدة التوحيد التي جاء الإسلام بها (٢) .

ومما تقدم كله ندرك أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته لم تَقُل بتكفير المسلمين وقتالهم، بل وضعت للتكفير شروطا وضوابط متعددة.

[سابعا الاجتهاد والتقليد]

سابعا: الاجتهاد والتقليد: لقد كان من أهم المبادئ التي سعت إليها دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الدعوة إلى الاتباع للكتاب والسنة , ومحاربة التقليد الذي خيم على عقول المسلمين في ذلك الوقت، فانصرفوا عن النظر في القرآن الكريم والسنة النبوية وآثار السلف الصالح إلى تقليد أئمتهم المتأخرين تقليدا أعمى، وصاروا أمامهم كالميت بين يدي المغسّل (٣) .


(١) حمد الجاسر: ملاحظات مجلة العرب، السنة الرابعة، الجزء التاسع، ربيع أول عام ١٣٩٠ هـ، والجزء العاشر، ربيع ثاني ١٣٩٠ هـ، ص ٧٦٤ و ٩٣٧ و ٩٣٨.

(٢) محب الدين الخطيب: الوهابية، مجلة الزهراء، المجلد الثالث: صفر ١٣٤٥ هـ ص ٩٦، ٩٧.
(٣) حسين بن غنام: المصدر السابق ص ٣٦١، ومحمد حامد الفقي: مرجع سابق ص ٤٤.

<<  <   >  >>