للحق ووضحت له المحجة، وقامت عليه الحجة، وأصر مستكبرا معاندا كغالب من نقاتلهم اليوم يصرون على ذلك الإشراك، وغير الغالب نقاتله لمناصرته لمن هذه حاله ورضاه عنه " (١) .
ولعل أقرب دليل على أن الدعوة لم تسلك سبيل الشدة مع هؤلاء من أول أمرها الأدوار أو المراحل التي مرت بها الدعوة - كما سبق بيانها - وهي ثلاثة:
١ - الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن في كل من (حريملاء والعيينة والدرعية) .
٢ - مرحلة تطبيق مبادئ الدعوة في العيينة من هدم القباب، وقطع الأشجار، وإقامة الحدود.
٣ - دور الجهاد بالسيف لحمل الناس بالقوة على الرجوع إلى دينهم الإسلامي الصحيح وذلك بعد سنتين من قدوم الشيخ إلى الدرعية، وقد قضى الشيخ السنتين في مراسلة ومناظرة مع مخالفيه في محاولة لإقناعهم بالرجوع إلى الدين الصحيح.
والواقع أن أي باحث في تاريخ الدعوة لا يستطيع أن يحصل على حادثة واحدة سلكت فيها الدعوة سبيل الشدة والقتال من أول الأمر - حتى مذبحة (كربلاء) عام ١٢١٦ هـ (١٨٠١ م) التي أوردها كثير من الباحثين كمثال على سلوك الدعوة سبيل الشدة - على أنه يجب أن نلفت النظر فيها إلى أمرين هامين:
أولهما: أن تلك الحادثة أبرزت في كثير من الكتب بصورة مبالغ فيها، هذا إضافة إلى أن كثيرا من أهل البادية التي اشتركت مع جيش الدعوة عملوا في تلك الواقعة من الأعمال التي لا تتفق مع تعليمات الرئيس الأعلى للدولة، ولا مع الآراء التي دعا إليها الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
وثانيهما: أن التبعة في هذه الواقعة لا تقع على الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود وإنما تقع على والي العراق العثماني في ذلك العهد الذي ساعد أهل الأحساء في تمردهم ضد السعوديين وبعث جيشا بقيادة (ثويني) لمحاربة جيوش الدعوة، كما أنه عاهد
(١) سليمان بن سحمان: الهدية السنية والتحفة الوهابية النجدية ص ٤٥.