للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التوحيد لله تعالى أهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فكيف نقاتل من ينكر الصلاة والزكاة ولا نقاتل من ينكر إخلاص التوحيد لله، بل ويعادي أهل التوحيد ويحاربهم؟ ثم بعد ذلك يقوم الشيخ بالرد على من قال: إن قول لا إله إلا الله تكفي في عدم تكفير قائلها وقتاله، ويفند كثيرا من شبههم التي أوردوها في ذلك في كتابه: " كشف الشبهات "، وينتهي في الأخير إلى تقرير أن التوحيد وإخلاصه لله تعالى لا بد أن يكون بالقلب واللسان والعمل، فإذا اختل شيء من هذا لم يكن الشخص مسلما (١) .

والحقيقة أن من يتأمل في أقوال الشيخ يتبين من خلالها قوة حجته في أن كلمة لا إله إلا الله لا تبرئ قائلها - الذي يجهل معناها ولا يعمل بمقتضاها كالذي كان يوجد عند بادية نجد - من الشرك ولا تحميه من الكفر.

وفي رسالة أخرى يحصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب من يكفرهم في أربعة أنواع:

١ - من عرف التوحيد ووجوب إخلاصه لله وأن الاعتقاد بغيره شرك، ولكنه لم يلتفت إلى التوحيد ولا تعلمه ولا دخل فيه ولا ترك الشرك، فهو كافر نقاتله بكفره.

٢ - من عرف ذلك كله ولكنه سب دين الرسول صلى الله عليه وسلم ومدح أهل الشرك فهذا كافر أشد من الأول.

٣ - من عرف التوحيد واتبعه وعرف الشرك وتركه، ولكنه يكره من دخل في التوحيد ويحب من بقي على الشرك، فهذا أيضا كافر لقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: ٩]

٤ - من سلم من ذلك ولكن أهل بلده معادون لأهل التوحيد ويتقاتلون معهم فيشترك معهم في قتال أهل التوحيد بماله ونفسه، فهذا أيضا كافر لإمكان هجرته عن بلده (٢) .

ولم تسلك الدعوة مع هؤلاء كلهم سبيل الشدة من أول الأمر؛ بل سلكت معهم سبل الإقناع المختلفة من تدريس ووعظ، ومناظرة , ومراسلة، وتأليف - كما تقدم - ولذلك يقول الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب: " ولا نكفّر إلا من بلغته دعوتنا


(١) محمد بن عبد الوهاب " كشف الشبهات " ضمن مجموعة التوحيد النجدية ص ٧٩ - ٨٥.
(٢) حسين بن غنام: المصدر السابق ص ٤٧٥ و ٤٧٦.

<<  <   >  >>