للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أنها كانت دعوة سلمية اتخذت الطريق السلمي لنشر مبادئها وابتعدت كل البعد عن أسلوب القوة، بل إن (السنوسي) هادن القوى الموجودة في المجتمع ليتفرغ للعمل في إرساء قواعد حركته فخالف بذلك كلا من ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب، ولذلك قام بتوزيع (الزوايا) على عدد من البلاد الإسلامية في الشمال الإفريقي والحجاز والسودان ومصر، واعتبرت زاوية (جغبوب) المركز الرئيسي لهذه الزوايا، وعن طريق هذه الزوايا المتعددة استطاع السنوسي أن ينشر دعوته حتى أصبح للسنوسية أتباع كثيرون في أكثر الأقطار الإسلامية (١) . ومع وجود هذا الأسلوب السلمي للسنوسي فإن الدولة العثمانية لم ترض عن السنوسي ولا عن دعوته، فقد كانت تخشى دائما هذه الدعوات الإصلاحية وما قد تؤدي إليه من حركات انفصالية، ولكن لم تلبث أن استفادت من أتباع هذه الحركة في نضالها ضد الإيطاليين في ليبيا والإنجليز في مصر (٢) .

والحق أن هذا الأسلوب السلمي للدعوة والحركة السنوسية قد أعطى أتباعها بواعث قوية من الإيمان استطاعوا بها أن يصبروا على بلاء الاستعمار الإيطالي والفرنسي في شمال إفريقيا، وأن يقدموا أرواحهم في تلك المناطق دفاعا عن عقيدتهم وأوطانهم، وقد كان لهذه التضحيات أكبر الأثر في هزيمة الاستعمار وزواله نهائيا من تلك المنطقة، وكان الشهيد (عمر المختار) - وهو من أتباع السنوسي - ورفاقه المجاهدون خير شاهد على ما نقول (٣) .

[ثالثا في الجزائر]

ثالثا: في الجزائر: فإن الوجه السلفي لها يتمثل في (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) بزعامة (عبد الحميد بن باديس ١٣٠٥ -١٣٥٩ هـ ١٨٨٧ -١٩٤٠ م) الذي اطلع على مبادئ الدعوة السلفية عندما أدى فريضة الحج إلى مكة المكرمة، كما اجتمع ببعض علماء


(١) وقد بلغ عدد هذه الزوايا في العالم الإسلامي (١٤٦) زاوية في كل مدينة وقرية زاوية، انظر أسماء هذه الزوايا في لوثروب ستودارد: حاضر العالم الإسلامي ج١ ص ٢٧٧-٢٧٩.

(٢) جمال الدين الشيال: ج١ ص ٧٠ - ٧١.
(٣) عبد الكريم الخطيب: ص ١٤٣، وانظر محمود شيت خطاب (قادة فتح المغرب العربي) ج٢ ص ٢٤٣.

<<  <   >  >>