للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومع أن علماء الدعوة يصرحون في أن مذهبهم في أصول الدين مذهب أهل السنة والجماعة وفي الفروع على مذهب أحمد بن حنبل، فإنهم يصرحون أيضا أن أصول الدين لا اجتهاد فيها (١) أما الفروع فإن الشيخ محمد بن عبد الوهاب نفسه صرح بأنه سيتقبل فيها كلمة الحق من أي إمام كان ويترك ما عداه حاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يفارقه الحق (٢) .

والمذهب الحنبلي - الذي يتبعه الشيخ وأتباعه - يدعو تلاميذه إلى الاجتهاد، بل هو أسبق المذاهب الإسلامية إلى العودة نحو الاجتهاد , لذلك خرج منه علماء مجتهدون بارعون وعلى رأسهم شيخ الإسلام ابن تيمية (٣) .

لذلك كان من الطبيعي محاربة الشيخ محمد بن عبد الوهاب للتقليد، ودعوته إلى النظر في القرآن وآثار السلف الصالح الذي لا يمكن أن يكون اجتهاد إلا بالنظر في هذا كله.

وقد أدرك الشيخ محمد بن عبد الوهاب أن سبب انحراف المسلمين عن إسلامهم الصحيح هو انشغالهم بكتب المتأخرين عن النظر في القرآن والسنة، وكان ذلك راجعا إلى اعتقاد الناس استحالة وصولهم إلى مرتبة الاجتهاد (٤) .

ولقد آمن الشيخ محمد بن عبد الوهاب بأنه لا سبيل إلى الإصلاح إلا بتحطيم قيود التقليد والعودة إلى النظر في القرآن والسنة النبوية الصحيحة وليس القرآن بعصي المعنى , وليست السنة بمستعصية على طالبي فهمها (٥) .

وفي كثير من المناسبات يذم الشيخ محمد بن عبد الوهاب التقليد حتى جعله من الأمور التي خالف فيها الرسول صلى الله عليه وسلم المشركين، ولذلك يقول في هذا الصدد: " دين المشركين مبني على أصول أعظمها التقليد، فهو القاعدة الكبرى لجميع الكفار أولهم وآخرهم " (٦) .


(١) سليمان بن سحمان: مصدر سابق ص ١٢ و ٣٨.
(٢) حسين بن غنام: المصدر السابق ص ٤٢٣.
(٣) محمد أبو زهرة: ابن حنبل، حياته وعصره ص ٣٩٠.
(٤) سليمان بن عبد الوهاب: الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية ص ٣ و ٤.
(٥) كمال السيد درويش: مرجع سابق ص١٢٩.
(٦) محمد بن عبد الوهاب: المسائل التي خالف فيها الرسول أهل الجاهلية، ضمن مجموعة التوحيد ص ٩٠.

<<  <   >  >>