للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد اشتركت جهات كثيرة في تشويه مبادئ الدعوة السلفية في نجد خاصة أولئك الذين اصطدموا بحركة الدعوة من أول ظهورها مثل (أشراف مكة) (١) كما أن (الإنجليز) كان لهم نصيب في ذلك، حتى إنهم كانوا يطلقون على أعدائهم في الهند لقب (الوهابيون) حتى ولو كانوا لا يمتون في سلوكهم ودعوتهم بأي صلة للدعوة السلفية في نجد (٢) .

ونعود فنقول: إن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب قد تركت بجانب ذلك كله أثرا سياسيا آخر، فقد اشتملت مبادئها كثيرا من الآراء السياسية سواء في مؤلفات الشيخ أو أتباعه من علماء الدعوة، وعلى الرغم من أن هذه الآراء متأثرة إلى حد كبير بكتاب (السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية) لشيخ الإسلام ابن تيمية (٣) إلا أنها تعكس - بحق - الواجهة السياسية للدعوة. ولعل من أهم المصادر للآراء السياسية للدعوة هو كتاب ألفه الشيخ (سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب) - حفيد الشيخ - واسمه (توضيح توحيد الخلّاق في الرد على أهل العراق) (٤) .

وبهذا ندرك أن الإصلاح الذي نادت به الدعوة لم يكن الغرض منه دينيا محضا - كما زعم بعض الباحثين (٥) - حقيقة إن الدعوة اهتمت بالإصلاح الديني أكثر من اهتمامها بالإصلاح السياسي، ولكن ذلك يرجع إلى الانحراف الديني في العالم الإسلامي - في ذلك الوقت - يفوق تدهوره السياسي، وفوق هذا وذاك فإن إصلاح العقيدة الإسلامية في نفوس المجتمع الإسلامي أساس كل إصلاح، ومن هنا نستطيع أن نرد على أولئك الباحثين الآخرين الذين ينقدون ويعيبون على الدعوة السلفية في نجد عدم الاهتمام بالتقدم الحضاري الذي يشهده العالم وقت ظهورها (٦) فمبادئ الدعوة - تبعا


(١) مسعود الندوي: محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم مفترى عليه ص ١٧٩.
(٢) انظر: Qeyamuddin Ahmad: Ibid pp. ٢٣٢-٢٦٨.
(٣) منير العجلاني: مرجع سابق ص ٢٤٠.
(٤) صلاح العقاد: مرجع سابق ص ٩٠ و ٩٥ وقد طبع كتاب (التوضيح) طبعة أولى سنة ١٣١٩ هـ.
(٥) عبد المتعال الصعيدي: المرجع السابق ص ٤٣٩.
(٦) حسين مؤنس: المرجع السابق ص ١٩٤.

<<  <   >  >>