للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الميلادي) إلى حالة سيئة من الضعف والركود السياسيين.

فقد كان سلاطينها - في ذلك الوقت - من الضعف بمكان بحيث لم يكن لهم من أمر الدولة شيء (١) بل كان الأمر استبداديا بيد وزرائهم ورؤساء الجيش الإنكشاري الذين لا يعرفون من أمور السياسة شيئا، وفوق ذلك فقد كان سلاطينها في ذلك الوقت مع زعماء الدولة الآخرين قد اشتغلوا بالملذات والشهوات، وأهملوا شؤون الدولة، واهتم الكل بأموره الخاصة، وكان بعض الوزراء من عناصر أجنبية لا تهمهم مصلحة الدولة وعزها بقدر مصلحة أنفسهم (٢) .

أما الولاة على أقاليم الدولة فقد ساءت إدارتهم، فهمهم الأكبر جمع الأموال من ولاياتهم على حساب شعوبها، مقابل ما بذلوه من رشاوي في سبيل حصولهم على إدارة هذه البلاد أو الولايات، لذلك لم يهتموا بتطوير ولاياتهم تلك، وإقامة الأمن والعدل (٣) فيها، كما أن الحاميات العسكرية التي توجد في هذه الولايات المختلفة كانت تحدث من الفوضى والنهب عند تأخر رواتبها الشيء الكثير، وهكذا تأخرت الزراعة والتجارة والحرف (٤) .

ومما زاد حال الدولة سوءا التدهور العسكري الذي منيت به في ذلك العصر، فقد أخذت دول أوربا تتألب عليها من كل جانب، فقامت حروب بين الدولة العثمانية وبين دول (النمسا وروسيا وبولونية والبندقية) انتهت بمعاهدة " كارلوفتش " المشهورة في يناير عام ١١١٠ هـ (١٦٩٩ م) والتي حرمت الدولة من كثير من ممتلكاتها في أوربا (٥) وقد زادت هذه المعاهدة من أطماع دول أوربا في


(١) محمد محمود السروجي: موقف مصر إزاء بعض مشاكل شبه الجزيرة العربية، المجلة التاريخية المصرية المجلد السابع (سنة ١٩٥٨ م) ص ٧٢.
(٢) محمد كمال جمعة: انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب خارج الجزيرة العربية ص ١١.
(٣) لوثروب ستودارد: حاضر العالم الإسلامي، ترجمة عجاج نويهض، تعليق شكيب أرسلان، ج١، ص ٢٥٩.
(٤) محمد كمال جمعة: مرجع سابق ص ١٤.
(٥) أحمد السعيد سليمان: محاضرات في تاريخ الدولة العثمانية العام الجامعي ٩٧ - ٩٨ هـ ص ٤.

<<  <   >  >>