للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن المنكر على كل قادر بحسب قدرته واستطاعته، إما بيده، فإن تعذر فبلسانه، فإن تعذر فبقلبه، كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (١) .

وفي الحقيقة أن نظام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يكن شيئا ابتكره الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته وإنما هو مبدأ ونظام إسلامي أصيل، فقد كانت الدولة الإسلامية قديما يوجد فيها منصب يسمى " الحسبة " ويسمى صاحبه " المحتسب " وعمله تطبيق قاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان مع المحتسب أعوان يراقبون أمور العباد والأخلاق العامة والتجارة وأرباب الحرف والأسعار والموازين إلى غير ذلك (٢) وهو مماثل لنظام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند الدعوة السلفية إلى حد كبير، وإن كان النظام ينصب عند الدعوة على الاهتمام بأمور العبادات والأخلاق العامة، فيوجهوا الناس إلى حضور صلاة الجمعة والجماعة، ويمنعونهم من الإفطار في رمضان , وهكذا. . كما يحافظون على حماية المجتمع من المفاسد كشرب الخمور وأنواع اللهو والفساد، والجهر بالمعاصي بشكل عام.

ويذكر لنا صاحب كتاب " لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب " أنه في عهد الدولة السعودية الأولى كان رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشرفون على أمور البيع والشراء لمنع هذه الأمور من المفاسد العامة كنقص المكيال والميزان والتعدي على الآخرين (٣) .

وحينما يأمر الشيخ محمد بن عبد الوهاب أتباعه بالتمسك بنظام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يوجههم الوجهة الإسلامية في هذا الصدد القائمة على الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة لقوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: ١٢٥]


(١) المصدر السابق نفسه.
(٢) منير العجلاني: مرجع سابق ص ٢٨١ و ٢٨٢.
(٣) مؤلف مجهول، لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب، تحقيق عبد الرحمن آل الشيخ ص ٤٩ (دارة الملك عبد العزيز) .

<<  <   >  >>