٢ - التقارب الزمني بين تلك الدعوات ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية دليل على أن هذه الدعوة هي التي تمخضت عن ميلاد هذه الدعوات والحركات الإصلاحية أو عجلت بميلادها، فإذا كانت بداية ظهور حركة الدعوة السلفية في الجزيرة العربية هو النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري، ثم استمرت بعد ذلك فإن ظهور دعوة السنوسي في ليبيا كان في النصف الأول من القرن الثالث عشر، ومثلها حركة (أحمد الباريلي) في الهند، وحركة (عثمان دانفو ديو) في غرب أفريقيا، ثم جاءت بعد ذلك حركة (جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده) في مصر. . وهكذا.
٣ - تقارب الأحوال وتشابه الظروف: ذلك أن العالم الإسلامي كان وقت ظهور هذه الدعوات في ظروف متشابهة من حيث الانحطاط في النواحي الدينية والسياسية والاجتماعية , وقد أدى إلى وحدة الشعور بالحاجة إلى الإصلاح ومن ثم كان قيام دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب حافزا شجع غيرها من الدعوات على السير في نفس المنهج من قريب أو بعيد.
٤ - إن تأثر أي دعوة بالأخرى لا يعني اعتناقها لجميع مبادئها الأساسية والفرعية، بل يكفي أن تتأثر ببعض أو أهم هذه المبادئ , ونستطيع القول: إن جميع الدعوات الإصلاحية التي تأثرت بالدعوة كانت تدعو إلى أهم أسس دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وهما: (إخلاص التوحيد لله تعالى - وفتح باب الاجتهاد ومحاربة التقليد الأعمى باتباع الكتاب والسنة) ، أما المسائل الفرعية للدعوة فقد تخالفها.
ولقد أجمع أكثر الباحثين على أن للدعوة السلفية التي قام بها الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب، أثرا واضحا على الحركات الإصلاحية التي جاءت بعدها، وفي هذا الصدد يقول الدكتور إبراهيم الشريقي في كتابه (أضواء على الخليج العربي ومسقط وعمان) : " والحق يقال إن دعوة الشيخ المصلح الكبير محمد بن عبد الوهاب قد أيقظت الشرق العربي والإسلامي، وظلت مصدرا لجميع الحركات الإصلاحية التي ظهرت في العالم الإسلامي خلال القرون الأخيرة - الثامن عشر والتاسع عشر والقرن العشرين "(١) .
(١) إبراهيم الشريقي (أضواء على الخليج العربي ومسقط وعمان) ص ٣٠، يوافق القرون ١٢، ١٣، ١٤ هجرية.