للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نشأة صوفية فمال إلى التنسك والعبادة وحفظ القرآن الكريم ودرس الفقه والتصوف.

وكان قيامه بدعوته في وقت كانت فكرة ظهور (المهدي المنتظر) متوافرة في السودان ومنتشرة بين سكانها، ويرجع ذلك إلى معاناة أهل البلاد من الإدارة المصرية الخاضعة للنفوذ الإنجليزي الأجنبي.

فانحلت الحالة الدينية بانتشار الفساد والبدع، كما تدهورت الحالة الاقتصادية بين أبناء الشعب، فكان الناس متلهفين إلى حركة إصلاحية (١) وقد استغل " محمد أحمد " ذلك فأعلن في سنة ١٨٨١ م أنه المهدي المنتظر، وضمّن دعوته تلك كثيرا من مبادئ التصوف، وكان مما دعا إليه القضاء على الفساد والبدع والعودة بالإسلام إلى أصوله الأولى.

كما أعلن الجهاد لتحرير البلاد من الحكم الأجنبي ونفوذه الواسع، وكان انتصار " المهدي " هذا على جنود الحكومة في الحملة المعروفة بحملة " هكس " عام ١٨٨٣م سببا لعلو أمره وانتشار دعوته في أرجاء مختلفة من السودان، كما كانت الهزيمة ذريعة لإكراه الإنجليز الحكومة المصرية على إخلاء السودان والانسحاب منها، وذلك تمهيدا لاستعمارهم السودان باسم جديد (٢) .

وهو ما حصل فعلا في ختام القرن التاسع عشر الميلادي (١٨٩٩ م) .

وأيا كان الأمر فإن حركة المهدي في السودان تعتبر حركة دينية وسياسية معا أو هي في الحقيقة حركة اتخذت من الدين قوة تشد أزرها وتجمع حولها الأنصار، هذا إضافة إلى أن دعوتها الدينية الظاهرة التي تدعو إليها الناس لم تكن واضحة المعالم (٣) .

والسؤال الآن: هل كان لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية في الجزيرة العربية تأثير على هذه الحركة؟ .

. . والحقيقة أن تأثير الدعوة السلفية على هذه الدعوة أو الحركة في السودان كان تأثيرا طفيفا -إذا نسبنا ذلك إلى تأثيرها على الحركات الإصلاحية الأخرى في العالم


(١) أحمد عبد الرحيم مصطفى ص ٤٢ - ٤٤.
(٢) عباس محمود العقاد: المرجع السابق ص ١٦٢-١٦٣، ولوثروب ستودارد ج١ ص ٩.
(٣) عبد الكريم الخطيب: ص ١٣٩ - ١٤٠.

<<  <   >  >>