للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كذلك الواو يفصل بين المتعاطفين بها بالظرف كقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا} (يس: ٩)، وكذلك تقع إما بينها وبين معطوفها، قال تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} (الإنسان: ٣)، كذلك تقع لا بينها وبين المعطوف بها: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (البقرة: ١٩٧)، {لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ} (المائدة: ٢)، كذلك تعطف الخاص على العام {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} (الأحزاب: ٧) فالنبي -صلى الله عليه وسلم- ونوح -عليه السلام- من النبيين، فعطفت الخاص على العام، والمقابل تعطف العام على الخاص، كقوله تعالى في دعاء نوح -عليه السلام: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} (نوح: ٢٨).

كذلك هذه الواو تأتي بمعنى "ثم" ويستدل على ذلك حكاية عن فرعون {لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} (الشعراء: ٤٩) وفي موضع الأعراف: {لأقطعن أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} (الأعراف: ١٢٤) ومن اللطائف التي تنبه إليها أهل البلاغة في قوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (الحديد: ٣) يقول الزمخشري: "الأولى التي وقعت أي التي وقعت بين الأول والآخر، الأولى للجمع بين الأولية والآخرية، والثالثة الجمع بين الظهور والخفاء، أما الثانية الواو الوسطى التي وقعت بين الآخر والظاهر- فأتت للجمع بين مجموع الصفتين الأوليين والأخريين، وهذا من بديع استخدام الواو كأداة للعطف أو من حروف العطف".

هل تقع الواو زائدة؟ فاستدل بعضهم بقوله تعالى: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ} (الصافات: ١٠٤،١٠٣) قال: فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ،

<<  <   >  >>